فيجب العمل بالراجح لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح ، قيل إنّه استدل به جماعة من الخاصة والعامّة كالنهاية والتهذيب والمبادي والمنية وغاية المبادي وغيرهم.
وفيه : إنّ الاستدلال بقاعدة القبح المذكور إنّما يتم إذا كان الحاكم معلقا على الواقع ، ولم يكن للشارع تصرف في مقام الامتثال بجعل أصل أو أمارة ؛ فإنّه لو كلّفنا بالواقع وأراده منّا مطلقا فمع إمكان تحصيل العلم به يجب تحصيله ومع عدمه وعدم إمكان الاحتياط أو عدم وجوبه يجب العمل بالظن في تعيينه ، ولا يجوز العدول عن المظنون إلى غيره ، فكل ما هو أرجح في إدراك الواقع يجب العمل عليه (١) بل لازم ذلك وجوب العمل بأمارة ثالثة غير الخبرين ، مثلا إذا كان هو المظنون بل في كل مسألة مسألة يجب العمل بالظن حينئذ ولو انفتح باب العلم في سائر المسائل.
وأمّا إذا كان المعلوم جعل الشارع للأمارات والأصول وتصرفه في مقام الامتثال فيعلم أنّ غرضه ليس إدراك الواقع كائنا ما كان ، فلا يكون الأرجح من حيث إنّه مطابق للواقع أرجح في مقام العمل بل قد نعلم (٢) بعدم جواز الأخذ به كما إذا نهى الشارع من العمل بظن خاص أو رجحان خاص ، فالصغرى ليست محرزة ؛ لأنّ المعلوم أنّ المدار على الرجحان في مقام الأخذ والعمل على الفرض المذكور الرجحان (٣) من حيث الإيصال إلى الواقع.
فإن قلت : بعد جعل الخبر حجّة وتعارض (٤) الخبرين يعلم أنّ الشارع أراد الواقع فيما بينهما بناء على كون حجيّة الخبرين (٥) من حيث الطريقيّة دون الموضوعيّة وحينئذ إذا كان أحدهما أرجح من حيث الإيصال إلى الواقع يجب الأخذ به.
قلت : أمّا إذا كان ذلك في قبال التساقط فنقول : لا نسلّم وجوب العمل بالخبر
__________________
(١) لا توجد في نسخة (د) كلمة «العمل عليه».
(٢) في نسخة (ب) و (د) : يعلم.
(٣) في نسخة (ب) و (د) : المذكور لا الرجحان.
(٤) في نسخة (د) : في تعارض ...
(٥) في نسخة (د) : الخبر.