حينئذ ؛ لأنّ المفروض أنّه يحتمل عدم حجيّة شيء من الخبرين فلا يكون الأرجح من حيث الإيصال أرجح في مقام العمل ، بل المتعيّن هو الرجوع إلى [الأصل](١) ؛ لأنّ حجيّته معلومة عندهم (٢) عند عدم الدليل ، وأمّا إذا كان ذلك في قبال التخيير بأن كان نفي الثالث معلوما فنقول : إذا احتملنا التخيير بين الراجح والمرجوح فلا يكون الأرجح أرجح في مقام العمل بل مقتضى الأصل عدم وجوب الأخذ به حسبما ذكرنا سابقا ، وكون الخبر معتبرا من باب الطريقيّة لا يستلزم أن يكون الغرض إدراك الواقع ليكون الأخذ بالأرجح واجبا ؛ لأنّ معنى كونه من باب الطريقيّة في مقابل الموضوعيّة أنّ الشارع جعله حجّة من حيث المرآتيّة والآليّة لا من حيث إنّه موضوع من الموضوعات ، وهذا لا ينافي أن [يكون](٣) كل منهما معتبرا من هذه الحيثيّة على سبيل التخيير ، وإن كان أحدهما أرجح من حيث الايصال.
وليس المراد من الطريقيّة أنّ الشارع لاحظ كون الخبر طريقا ظنيّا إلى الواقع فجعله حجّة من هذه الحيثيّة بأن يكون النظر في جعله حجّة مجرّد كونه موصلا إلى الواقع ؛ فإنّ لازم هذا أنّه لو جعل ظنّا ما حجّة كان كل ظن حجّة ؛ إذ لو كان الغرض من جعل الخبر حجّة كونه طريقا ظنيّا إلى الواقع ، فإذا كان القياس أو الأولويّة أو نحوهما كذلك فلا بدّ من كونها (٤) حجّة ؛ لأنّ المفروض أنّ الشارع مريد للواقع وأمره بالعمل بالخبر من باب مجرّد كونه طريقا ظنيّا إليه فكأنه جعل الظن حجّة مع أنّ هذا واضح الفساد ففرق بين بين جعل الشيء حجّة لأنّه طريق ظني ، وبين جعل شيء ظنّي حجّة بعنوان الطريقيّة ، فالشارع جعله طريقا لا موضوعا لا أنّه جعله حجّة لأنّه طريق ظني ، فهو نظير ما لو قال أكرم زيدا ؛ لأنّه عالم فلاحظ علمه وأمر بإكرامه ، وقال [أكرم زيدا العالم] أو قال أكرم زيدا حيث إنّه عالم بمعنى أنّه أمر بإكرامه بلحاظ علمه ، ففي الأول يجب إكرام عمرو العالم أيضا ، وفي الثاني لا يجب لأنّه أمر بإكرام خصوص
__________________
(١) أثبتناها من النسخة (ب) و (د).
(٢) لا توجد كلمة «عندهم» في نسخة (ب) و (د).
(٣) توجد هذه الإضافة في النسخة (ب).
(٤) في نسخة (ب) و (د) : كونهما.