الشارع فلا يرخص فيه فالصغرى ممنوعة ، إذ يجوز (١) أن يكون العمل به راجحا عنده بسبب لا نعلمه فيحتاج إثبات كونه مرجوحا إلى دليل من عقل أو نقل ، ومعه لا حاجة إلى هذه القاعدة ، فالاستدلال بها على الحكم الشرعي لا يصح أبدا ، انتهى بأدنى تغيير.
أقول : حاصل مراده ـ على ما صرح به أخيرا ـ أنّه لا مورد لهذه القاعدة أصلا ؛ إذ بالنسبة إلى فعل الشارع الصغرى غير محرزة إلا مع دليل آخر ، وهو مغن عن هذه القاعدة ، وبالنسبة إلى فعل المكلّف لا يمكن اختيار المرجوح أبدا ، وعلى فرض المحال ففي مثل العمل بالظن ونحوه لا يستتبع حكما شرعيّا ، بل قبحه يستلزم حكما إرشاديّا صرفا ، وفي مثل خصال الكفارة إذا فرض محالا أنّه رجّح ما هو مرجوح فهو قبيح ، ويستلزم الحرمة أيضا إلا أنّ محاليّة الفرض تمنع عن التمسك بالقاعدة فلا مجرى لهذه القاعدة في التخيير الشرعي والعقلي الواقعيين ، ولا في الظاهريين ، بل ولا في سائر الموارد.
وأنت خبير بما فيه ؛ إذ نقول :
أولا : إنّ المراد من المرجوح المرجوح في نظر المكلّف بالنسبة إلى المصالح والمفاسد كما في أفعال العقلاء مع قطع النظر عن الشارع والموالي ، أو بالنسبة إلى مراد الشارع كما في الأحكام الشرعيّة ، وغرض المستدل أنّ العقل حاكم بأنّ الانسان إذا اختار في مقام العمل ما هو مرجوح بالنسبة إلى إدراك (٢) مرجوح كونه مرادا له فهو قبيح ، ولا يتفاوت الحال في الثاني بين أن يقال إنّه يقبح من المكلّف اختيار المرجوح كونه مرادا للمولى ، وبين أن يقال يقبح من الشارع إرادة المرجوح (٣) وجعله بعد تعلّق غرضه بذلك المراد ، لكنّ المراد من المرجوح في القاعدة (٤) المرجوح في نظر المكلّف كما هو واضح.
__________________
(١) في نسخة (ب) : إذ لا يجوز.
(٢) جاء في نسخة (د) هكذا : في مقام إتيان مراد المولى ما هو مرجوح.
(٣) في نسخة (د) : إرادة غير المرجوح.
(٤) لا توجد كلمة «في القاعدة» في نسخة (د).