غرضه بإحراز الواقع ؛ إذ (١) لا نسلم وجود المقتضي لإيجاب العمل بالراجح ؛ لأنّ تعلّق الغرض بإدراك الواقع كيف كان ممنوع بل مقطوع العدم ، وإلا لم يكن معنى لجعل الأصول بل والأمارات في حال انفتاح باب العلم بالمقتضي للعمل بالطريق غير معلوم (٢) ، وعلى فرض كون الكاشفيّة والطريقيّة مقتضيا لإيجاب العمل لا نسلم وجوب العمل بالمقتضي مع أنّ الشك (٣) في الجعل لأجل المانع ؛ إذ المقتضي إنّما يكفي في الحكم إذا كان راجعا إلى الاستصحاب بأن يكون المحكم مجعولا وشك في ارتفاعه أو إذا كان هو الدليل أعني العموم والإطلاق وشك في المخصص والمقيد ، وأمّا مجرّد وجود المقتضي لجعل الحكم مع الشك (٤) لأجل الشك في المانع عن الجعل فلا يثمر في ترتيب الأثر ، ألا ترى أنّه لو علمنا أنّ العلم مقتض لإيجاب الإكرام وأنّ زيدا عالم ، لكن لا ندري أنّ الشارع أمر بالإكرام أم لا؟ لاحتمال مانع عن جعل الحكم ، فلا يحكم بوجوب الإكرام ، نعم لو وجب الإكرام وشك في زوال الوجوب أو ذكر عامّا وشك في كونه مخصصا نحكم بالوجوب.
وبالجملة ؛ المقتضي للجعل وإن كان معلوما لا يكفي في الحكم ففي المقام على فرض العلم بأنّ المقتضي لإيجاب العمل بالظن الفلاني هو كونه كاشفا عن الواقع مع الشك في جعله حجّة وعدمه لا يحكم بحجيّته ، كيف؟ ولازم هذا حجيّة كل ظن لأنّ كلّا من أفراده له كاشفيّة (٥) عن الواقع ، والمانع عن جعله مشكوك مدفوع بالأصل ، وهذا ممّا لا يمكن أن يتفوه به.
نعم لو وصل إلينا من الشارع ما دلّ على أنّ كل كاشف حجّة ، وشككنا في خروج بعض الأفراد عن هذا الدليل تمسكنا بالمقتضي أي العموم ، ولذا تمسكنا في مسألة المتزاحمين بإطلاق الدليل ، لا بمجرّد المقتضي لإيجاب كل واحد منهما.
ومن ذلك يظهر أنّ ما سلّمه ذلك الفاضل من أنّه على تقدير كون المقتضي
__________________
(١) في نسخة (د) : إنا لا نسلم.
(٢) هكذا في النسخ.
(٣) في نسخة (د) : مع الشكّ.
(٤) في نسخة (د) : مع الشك فيه.
(٥) في نسخة (د) : له كاشفيّة له.