الصرفة أن يكون الغرض متعلقا بإدراك الواقع ، ومعه فيجب الأخذ بالأرجح إلا لمانع وقد عرفت أنّ لازم الطريقيّة ليس ذلك ، فإنّ معنى الطريقيّة أنّه أمر بسلوكه على وجه الطريقيّة والمرآتيّة لا أنّه أمر به ؛ لأنّه كاشف عن الواقع حتى يكون المعتبر حيثيّة كشفه الذي لازمه وجوب العمل بكل ما هو كاشف ، وتقديم ما هو أكثر كشفا في مقام المعارضة ، فليس لازم الطريقيّة تعلّق الغرض بإدراك الواقع ، وكيف كان ؛ فلعلّ المقتضي للعمل به على وجه الطريقيّة دون الموضوعيّة شيء آخر غير كشفه أو هو وشيء آخر فتحقق المقتضي ممنوع.
نعم لا يمكن جعل شيء على وجه الطريقيّة إلا إذا كان له جهة كشف ، وأمّا أنّ ذلك هو المقتضي فغير معلوم.
ومن ذلك يظهر أنّه لا وجه لجعل المقتضي لإيجاب العمل هو احتمال الإصابة فإنّه لا يفيد في كون الشيء مجعولا على وجه الطريقيّة ، اللهم إلا أن يمنع وجوب كون الطريق التعبدي كاشفا في حدّ نفسه ولو نوعا أنّه (١) يمكن جعل الشك وما لا يفيد أزيد منه أيضا طريقا تعبديا ، فتدبر.
هذا ويمكن أنّ تقرير (٢) هذا الدليل على وجه يكون دليلا على المختار من الترجيح بكل ما يوجب قوة أحد الدليلين في طريقيّته ، لا بكل مزيّة بأن يقال :
مقتضى جعل الشيء طريقا وإن لم يكن تعلّق الغرض بإدراك الواقع حسبما مرّ إلا أنّ من المعلوم أنّ طريقيّته النوعيّة وكاشفيّته مناط للجعل ، لا بمعنى أنّ الملحوظ في الجعل هو هذه الحيثية فقط ، ليكون اللازم منه حجيّة كل ما يكون كاشفا نوعا بهذا المقدار بل بمعنى أنّ طريقيّته النوعيّة وكاشفيّته (٣) دخيلة في حجيته ، وإذا كان المفروض أنّ كلا من الدليلين واجد لهذا المناط كما هو الظاهر من دليل الجعل من حيث هو فإذا كان أحدهما مقرونا بما يوجب قوة هذا المناط ، فيكون أرجح في مقام الأخذ والحجيّة الفعليّة ، ويقبح من الجاعل التسوية بينه وبين المرجوح ، وذلك كما
__________________
(١) في نسخة (د) : وأنّه.
(٢) في نسخة (د) : أن يقرر.
(٣) لا توجد كلمة «وكاشفيته» في نسخة (د).