واحد ، وأخذها بهذا المعنى حيث فسّرها بالمقابلة والإتيان بمثل ما أتى ، بل صرّح بذلك في قوله : ومنه المعارضة كأنّ عرض فعله كعرض فعله.
وفي اصطلاح الأصوليين عرّف بتنافي الدليلين وتمانعهما باعتبار المدلولين وبتنافي مدلولي الدليلين ، ولا يخفى أولويّة الأول ، إذ التعارض وصف لنفس الدليلين فالأنسب جعل التنافي الذي هو ملاكه وصفا لهما أيضا ، لا مدلوليهما ، وكونه بلحاظ المدلولين لا ينافي اتصافهما به أيضا بالواسطة ، فثبوت التنافي للدليلين وحمله عليهما من قبيل أن يقال زيد شريف لشرافة أبيه ، فإنّ شرافة الأب توجب شرافة زيد فيصح اتصافه بها حقيقة ، وعلى التعريف الثاني يكون من قبيل (١) زيد شريف الأب حيث إنّه لا يدل على شرافة زيد ، ولو بالواسطة.
ومنهم ـ كالعضدي ـ من زاد على التعريف المذكور قوله بحيث لا يمكن الجمع بينهما (٢) ، وربّما يستظهر منه أنّ العام والخاص المطلق خارج عنه ؛ لإمكان الجمع (٣) ؛ فلا يكونان من المتعارضين.
وفيه : أنّ الحق دخولها ، والتعريف شامل أيضا ، إذ المراد من عدم إمكان الجمع عدمه مع الأخذ بظاهر كلّ من الدليلين ، ومن المعلوم عدم إمكانه فيهما ، ومنهم من بدّل الزيادة المذكورة بقوله على وجه التناقض أو التضاد ، ومرجعها واحد.
ثمّ التنافي أعمّ من أن يكون في تمام المدلول أو في بعضه ، كما في العام والخاص المطلقين ، أو من وجه ، وأعمّ من أن يكون عقليّا أو شرعيّا ، كصحة العتق وعدم الملكيّة ، حيث إنّه لا تنافي بين ما دلّ على الأول ، وما دلّ على الثاني عقلا ، لكنّهما متنافيان شرعا ، إذ لا عتق إلا في ملك ، والمدلول أعمّ من أن يكون مطابقيّا أو تضمنيّا أو التزاميّا ، فيشتمل التعريف (٤) ما إذا كان أحد الدليلين منافيا للآخر في مدلوله الالتزامي.
ولكن مع ذلك يشكل بأنّه قد لا يكون بين المدلولين تناف ولو بالالتزام ، مع
__________________
(١) في نسخة (ب) : من قبيل أن يقال ...
(٢) حكاه في مفاتيح الأصول : ٦٧٩.
(٣) في نسخة (ب) : خارج عن إمكان الجمع ...
(٤) لا توجد هذه الكلمة (التعريف) في نسخة (ب).