الخبر الواحد ، ولو كان صحيح السند بل بلوغها حدّ التواتر المعنوي لا ينفع بعد كون القدر المعلوم واحدا منها معينا في الواقع غير معين عندنا ؛ إذ معه لا يجوز الأخذ بشيء منها معيّنا ولا غير معيّن ، فإنّ مجرّد العلم باعتبار مرجّح بين عشرة مثلا لا يقتضي التخيير بينها (١) مع إنّه لا معنى له في المقام كما لا يخفى.
والجواب : أمّا عن ضعف سندها ؛ فبأنّ ذلك مسلّم إلّا أنّ المقبولة من بينها معتبرة وكافية لنا وحدها ، فكيف مع تأيدها بسائرها ، وذلك لأنّه ليس في سندها من يطعن فيه إلا داود بن فرقد وعمر بن حنظلة ، والأول قد وثقه النجاشي فقال : إنّه ثقة (٢) ، ولعلّه لهذا عدّها في الوافية من الصحيح عن عمر بن حنظلة (٣) ، نعم عن الشيخ أنّه قال : ثقة أفطحي (٤) ، فعلى هذا يكون من الموثق إلى عمر ، ولعلّه إلى هذا نظر المجلسي حيث إنّه حكم بكونها موثّقا على ما حكي عنه (٥) ، وقد بيّن في محلّة أنّ قول النجاشي مقدّم على قول الشيخ ؛ لأنّه أعرف بالرجال وأخبر ، إلا أن يقال إنّ الجارح مقدّم على المعدّل ، وعلى فرض تقديم قول الشيخ أيضا لما ذكر لا يضرّ ؛ إذ يكفي كونه موثقا.
وأمّا عمر بن حنظلة فلم يرد فيه توثيق ، نعم عن الشهيد الثاني في مواقيت الصلاة أنّه نقل عنه حديثا ، وقال : إنّه يستفاد منه كونه موثقا ، واستشكل في الاستفادة سبطه الشيخ محمد قال (٦) : إنّي كلّما أتأمّل في هذا الحديث لا يتبيّن وثاقة عمر بن حنظلة كما استفاده جدّي (٧).
__________________
(١) في نسخة (د) : بينهما.
(٢) ذكر توثيقه السيد الخوئي في معجمه ـ ٨ / ١١٩ ـ قال : كوفي ثقة.
(٣) الوافية : ٣٢٧.
(٤) كتاب الرجال للشيخ الطوسي : ٢٥١ برقم ٤٥١.
(٥) لم نعثر على كلام له يتعلق بالرجل ، نعم عن والده في روضة المتقين ـ ٦ / ٢٧ ـ أنّه وصفه ـ بالقوي ـ.
(٦) استقصاء الاعتبار في شرح الإستبصار : ٢ / ٦٢ ، ٤ / ٢٩٣.
(٧) قال السيد الخوئي قدسسره في مباني تكملة المنهاج : إنّ عمر بن حنظلة لم يثبت توثيقه وما ورد من الرواية في توثيقه ـ يقصد بها الرواية التي استفاد منها الشهيد وثاقته ـ لم تثبت ، فإنّ راويها هو يزيد بن خليفة ولم تثبت وثاقته ، وقال سبط الشهيد عن يزيد هذا بأنّه قيل عنه أنّه واقفي ومع هذا هو غير موثق ولا فيه مدح.