وكيف كان نقول ـ مع قطع النظر عمّا ذكر ـ إنّ هذه الرواية ممّا نقلها المشايخ الثلاثة وهذا يدل على اعتبارها مضافا إلى أنّها معمول بها بين الأصحاب حتى سمّيت بالمقبولة.
ودعوى أنّ القدماء لم يعملوا بها في الرجوع إلى المرجّحات المذكورة بل استدلوا على وجوب الترجيح بوجوه أخر مدفوعة بمنع ذلك ، نعم المتأخرون مثل المحقق والعلامة .. ونحوهما ذكروا هذه الوجوه ، وأمّا القدماء فيمكن أن يكون نظرهم إلى المقبولة ، بل هو الظاهر ؛ لعدم تعويلهم على الوجوه الضعيفة المذكورة في كتب العامّة ، مع أنّ عملهم بها في غير المرجّحات من الأحكام التي اشتملت عليها مثل حرمة الترافع إلى قضاة الجور ووجوب إمضاء حكم الحاكم ، وعدم الردّ عليه .. ونحو ذلك يكفي في جبرها كما لا يخفى.
وبالجملة ؛ ؛ فالإنصاف أنّه لا ينبغي الإشكال في اعتبار المقبولة مع أنّ الأخبار المذكورة بعضها يؤيد بعضا في المرجّحات التي هي مشتركة بينها مثل موافقة الكتاب ومخالفة العامّة ، بل الأخبار الدالّة عليها يمكن دعوى قطعيتها.
[و] أمّا عن كون المسألة أصوليّة فبعدم الفرق عندنا في حجيّة الخبر الواحد بين الأصول والفروع وإن أسند إلى الأكثر الفرق ، مع إمكان منعه أيضا بأنّ المراد من الأصول التي لا يمكن التمسك فيها بأخبار الآحاد أصول الدين.
ودعوى اعتبار العلم في الأصول مسلّمة إلا أنّه يكفي الانتهاء (١) إلى العلم بل كلّ مسألة كذلك سوى الاعتقاديّات ، حيث يعتبر فيها الاعتقاد ، فلا يكفيها الانتهاء إلى العلم ، بل لا بدّ منه أولا.
هذا مع أنّ الأخبار إذا كانت متواترة كانت قطعيّة في اعتبار المرجّح في الجملة ولا قائل بالفرق بين المرجّحات المذكورة في الاعتبار ، مع أنّ مثل موافقة الكتاب ومخالفة العامّة يمكن القطع (٢) باعتبارهما بخصوصهما من جهة كثرة الأخبار الدالّة عليها ، وإذا ثبت ذلك ثبت البقيّة بعدم القول بالفصل ، وعلى فرض عدم الإجماع
__________________
(١) في نسخة (د) : يكفي في الانتهاء.
(٢) جاء في نسخة (د) : يمكن دعوى القطع.