من كون التقييد وجوبيا (١).
والجواب : إنّ هذا الاختلاف موجود في غالب المسائل ، فلا يكون مضرّا ؛ إذ بناء الأئمة عليهمالسلام في بيان الأحكام على ذلك ، وكون جميع موارد الأخبار مقام الحاجة بالنسبة إلى جميع المرجحات ممنوع ، مع أنّ الخبر المشتمل على كلّ المرجحات أو جلّها موجود وهو المقبولة والمرفوعة ، مع إنّ المراد من المطلقات إن كان مطلقات التخيير فهي كسائر المطلقات في سائر الموارد ، وإن كان مطلقات الأخذ ببعض المرجّحات فقد عرفت أنّها في مقام الإهمال ، وأنّ الأمر الفلاني مرجّح في الجملة ، ولعلّه كان مورد حاجة السائل خصوص ذلك المرجح ، خصوصا مع كونه الفرد الغالب مطلقا أو بالنسبة إلى ذلك الزمان.
ومنها : ما ذكره بعض الأفاضل قال (٢) : إنّ المستدلّ بهذه الأخبار إن أراد إثبات المرجّحات المنصوصة بعناوينها المخصوصة ففيه أنّها متعارضة وحملها على صورة التساوي من سائر المرجحات بمعنى الأخذ بها في مادة الاقتران فقط بعيد ؛ لأنّه حمل للإطلاقات على الفرد النادر ، ومستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة ، وإن أراد إثبات الترجيح على سبيل الإطلاق فهي قاصرة عن ذلك إلا بتنقيح المناط الممنوع على المدّعى ، بل مقتضى إطلاقها اعتبار هذه المرجّحات مطلقا أفادت الظن أم لا ، وهذا ينافي البناء في الترجيح على مطلق الظن ، نظير منافاة إثبات حجيّة الأخبار بحجيّة مطلق الظن حال الانسداد ؛ فلا بدّ لمن لا يقتصر على هذه المرجحات من توجيه الأخبار بما يرجع إلى الظن بالترجيح (٣) مطلقا.
ومن هنا يظهر أنّ ترديد بعض الأجلّة ـ بعد نقل الأخبار في كون اعتبارها تعبدا محضا أو منوطا بإفادتها مطلق الظن أو ظنا مخصوصا ـ من ظهور الأخبار (٤) في الاقتصار عليها ، ومن دلالة فحواها على إناطة الترجيح بالظن ليس في محلة ؛ لأنّه
__________________
(١) المقصود من صوغ هذا الإشكال أن تكون نتيجة المنع من كون التقييد وجوبيا هي حمل الترجيح بالمرجّحات على الاستحباب.
(٢) بدائع الأفكار : ٤٣٦.
(٣) من قوله «حال الانسداد» إلى قوله «بالترجيح» لا يوجد في نسخة (د).
(٤) من قوله «في كون اعتبارها» إلى قوله «الأخبار» لا يوجد في نسخة (د).