الأخبار : ويمكن التفصي عنه بمنع جريان هذا الحكم في قاضي التحكيم ، فيظهر منه مفروغيّة كون المراد من الرواية قاضي التحكيم ، ولعلّه جعلها ظاهرة في قاضي التحكيم من جهة قوله «قلت : فإن كان كلّ رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا .. الى آخره» مع أنّه لا دلالة له على ذلك كما لا يخفى ؛ فتدبّر!
ويمكن أن يقال : إنّ غرض السائل أنّه لو كان هناك حاكمان منصوبان مختلفان فحكم أيّهما نافذ؟ فلا يكون من تعدد الحاكم فعلا ، فيكون المراد من حكومتهما بيان الحكم الشرعي الذي هو مقدمة الحكم بمعنى القضاوة ، ومن ذلك يظهر الجواب عن إشكال تعدد الحكم في الواقعة الواحدة ، مع أنّ النافذ هو الحكم الأول.
ويمكن الجواب عنه أيضا : بمنع نفوذ الأول ولو كان الثاني أفقه وأعدل ، فإنّ المشهور على وجوب كون الحاكم أعلم كالمفتي ، فعلى هذا يسأل الراوي عن حكم ما إذا رجعنا أولا إلى حاكم فحكم بحكم ، وثانيا إلى آخر فحكم بخلاف الأول والإمام عليهالسلام يقول : إنّ في صورة الاختلاف ينبغي الرجوع إلى الأعلم والأعدل ، ولا يكون حكم غيره نافذا ، فيكون الرجوع إلى الأول إذا كان غير أعلم في غير محله ، فلا يكون حكمه نافذا من هذه الجهة.
ويمكن دفع الثاني : بأنّ كون أمر المرافعة بيد المدّعي مسلّم إلّا أنّ مورد الرواية تراضيهما بالرجوع إلى الاثنين.
ويمكن دفع الثالث : بمنع منافاة الغفلة ، خصوصا في ذلك الزمان ، وباحتمال اطلاع كلّ منهما على فساد مدرك الآخر.
ويمكن دفع الخامس بأنّ المترافعين كانا مجتهدين ، كما هو الغالب في ذلك (١) الزمان ، فلا بأس بإعمالهما المرجحات ، وإنّما لم يرجعا إليها أوّلا ؛ لأنّ وظيفة المتخاصمين ـ ولو كانا مجتهدين ـ الرجوع إلى ثالث ، ولمّا لم يثمر ؛ للاختلاف ، رجعا إلى ترجيح المستند.
هذا (٢) ولو حملنا الرواية على الرجوع إلى الحاكم الشرعي لأخذ الفتوى ، فيكون
__________________
(١) في نسخة (د) : في أهل ذلك ...
(٢) لا توجد كلمة «هذا» في نسخة (د).