المراد أنّ كلّا منهما استفتى عن واحد واختلفا فيما حكما ؛ أي في بيان الحكم الشرعي ، بأن يكون المراد من قوله «رضيا أن يكونا الناظرين في حقهما» أنّه رضي كل منهما بواحد لا أنّ كلا منهما رضي بالاثنين ؛ تندفع (١) جميع الإشكالات المذكورة.
والإنصاف أنّ الرواية غير آبية عن هذا ، فتكون دليلا على وجوب الرجوع إلى الأعلم والأعدل في صورة اختلاف المفتين ، وإن أبيت عن ذلك وحملتها على المرافعة فنقول : يمكن أن يكون المراد أنّ كل واحد منهما رجع إلى قاض فحكم له والإمام عليهالسلام لم يقرّر جواز رجوع كلّ منهما إلى من يختار ، ليكون إشكالا ، بل قال يجب الأخذ بقول الأعلم والأعدل ، ثمّ إنّ المحامل التي ذكرنا وإن كانت خلاف ظاهر الرواية ، إلا أنّه لا بأس بها في مقام الحمل وإخراج الرواية عن إشكال خلاف الإجماع.
ومنها : أنّها قدّمت صفات الراوي على الشهرة ؛ مع إنّ عمل العلماء (٢) على العكس ، مع أنّه على فرض تقدم الصفات على الشهرة لا يمكن القول به في صورة اشتهار المشهور بين من هو أرجح من راوي غير المشهور في الصفات ، والرواية مطلقة في الأخذ بالصفات ، فهي شاملة للصورة المفروضة ، وأيضا مقتضاها الرجوع إلى الصفات في الراوي وإن كانت المرتبة الأعلى في السند على العكس ، مع إنّه لا يمكن (٣) القول به ، خصوصا إذا كان راوي الآخر في جميع المراتب المتقدمة أرجح في الصفات من راوي الآخر رجح (٤) في هذه المرتبة المتأخرة (٥).
والجواب : أمّا عن تقديمها الصفات على الشهرة ؛ فبأنّ الرواية محمولة على تعداد المرجّحات ، وليس الترتب منظورا ، مع إنّه يمكن الالتزام بتقديمها على الشهرة ،
__________________
(١) هذا الفعل واقع في جواب لو ؛ والتركيب هكذا : لو حملنا الرواية ... تندفع ...
(٢) في نسخة (د) : مع أنّ العلماء.
(٣) في نسخة (د) : مع أنّ يمكن القول به.
(٤) في نسخة (د) : الارجح ـ بدل كلمة الآخر ـ ولا يوجد كلمة «رجح».
(٥) هكذا في النسخة والمعنى مشوش جدا : ولعلّ المقصود أنّ راوي الحديث الآخر المقابل لغير المشهور أرجح في الصفات في جميع مراتبه المتقدمة ، رجح هذا في مرتبته المتأخرة.