لأنّه نقلها عن رسالته بعنوان المسلميّة (١).
وثانيا : لا حاجة إليها ؛ لأنّ كل ما فيها موجود في المقبولة إلا الترجيح بمخالفة أخبار العامّة ، ويمكن درجه في مخالفة العامّة بدعوى أنّ المخالفة لهم أعمّ من المخالفة لأقوالهم أو لأخبارهم ، هذا إذا لم يعاملهم (٢) بالخبر الذي ينقلونه ، وإلا فهي هي بعينها.
ويرد على الأخبار الدالّة على الترجيح بموافقة الكتاب بأنّ موردها خارج عن مقامنا ، وذلك لأنّ المقصود في المقام أنّه إذا تعارض خبران ، كلّ واحد منهما حجّة في حدّ نفسه ، وكان أحدهما موافقا لعموم الكتاب أو إطلاقه يقدّم على الآخر ، وهذه الأخبار تدلّ على أنّ مخالف الكتاب باطل وزخرف (٣) ، وأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله (٤) ، فيكون موردها ما إذا كان خبر المخالف خارجا عن الحجية من حيث هي ، من جهة مخالفته لصريح الكتاب ، فيكون من معلوم الكذب.
والجواب : إنّ ما كان منها متضمنا للتعبيرات المذكورة فكما ذكر ، إلا أنّ مثل المقبولة وغيرها ممّا ليس دالّا إلا على تقديم الموافق يكون دليلا على المطلب ويكفي ، إذ لا منافاة بينها حتى تحمل المقبولة أيضا على الصورة المفروضة ، ووحدة السياق أيضا ممنوعة ، فيكون الخبر المخالف للكتاب قسمين :
[ـ] قسم يكون مخالفا لصريحه ، وهذا ليس حجّة من حيث هو.
[ـ] وقسم يكون مخالفا لعموماته وإطلاقاته ، بحيث لو لا المعارض لكنّا نخصص الكتاب أو نقيّده به ، وهذا حجّة من حيث هو ، إلا أنّه في مقام المعارضة يقدم غيره عليه ، والأخبار المذكورة طائفة منها دالّة على الأول وطائفة منها دالة على الثاني.
ويمكن أن يراد من كلّ من الطائفتين القدر المشترك : بأن يكون المراد أنّ المخالف يطرح لعدم حجيّته فعلا ، إلا أنّه في بعض المخالفات ليس حجّة من حيث هو أيضا ، وفي بعضها حجّة من حيث هو ؛ لكنّه ليس حجّة فعليّة إذا عارضه غيره ،
__________________
(١) علاوة على هذا نقل صاحب الوسائل عن الرسالة كذلك.
(٢) في نسخة (د) : إذا لم يعمل عملهم ...
(٣) تقدم تخريجها.
(٤) تقدم تخريجها وسيأتي.