المنصوصة من جهة دليل خارجي غير هذه الأخبار يمكن اعتبار الترتيب المذكور بينها ، بناء على تعبديّتها ، وإن كان المدار في غيرها على الأقوى ، لكنّه بعيد.
وأمّا إذا قلنا بعدم التعدي أصلا فمقتضى القاعدة اعتبار الترتيب ، وحينئذ فأول المرجّحات الصفات ؛ بناء على استفادة مرجّحيتها من المقبولة ، ولا يضر مخالفة المشهور ، وكون عملهم على تقديم الشهرة والشذوذ ؛ لأنّ ذلك منهم من جهة أنّ مذهبهم التعدي ، وعلى فرض اختصاص الصفات في المقبولة بالحكمين :
فأول المرجّحات : الشهرة والشذوذ ، وثانيها : الصفات إن عوّلنا على المرفوعة ، وإلا فهي ساقطة بالمرّة ، والمدار على الترتيب المذكور في المقبولة ، ويبقى الإشكال فيما يكون في سائر الأخبار ؛ مثل الأحدثيّة ومشابهة أقوال (١) العامّة .. ونحوهما ، ويمكن أن يقال : مشابهة أقوالهم في عرض مخالفتهم ، وكذا موافقة أخبارهم ، كما أنّ موافقة الأخبار المعلوميّة الإماميّة في عرض موافقة السّنّة أو في طولها ، وهي في طول موافقة الكتاب.
وأمّا الأحدثيّة فإن كانت من حيث احتمال [التقيّة](٢) ففي عرض مخالفة العامّة ، وإن كانت من حيث احتمال النسخ ، فمقتضى القاعدة تقديمها على جميع المرجّحات ، لأنّها راجعة إلى الجمع الدلالي ، إلّا أنّه يشكل من حيث ندور النسخ وسيأتي الكلام في هذا بعد ذلك إن شاء الله.
هذا ؛ وقال في الوافية (٣) ـ بعد نقل الأخبار ووجوه التراجيح ـ : واعلم أنّ ظاهر الرواية التاسعة ـ يعني المقبولة ـ أنّ الترجيح باعتبار السند من أوثقيّة الراوي ونحوها مقدّم على العرض على الكتاب ، وعلى هذا فإذا تعارض حديثان ، ويكون الراوي لأحدهما أوثق وأفقه وأورع من راوي الآخر ، يقدم الأوّل وإن كان مخالفا للقرآن ، ولكنّ ظاهر كثير من الروايات أنّ العرض على الكتاب مقدّم على جميع أقسام التراجيح ، بل روى الكليني في باب الأخذ بالسنة وشواهد الكتاب أخبارا كثيرة دالّة
__________________
(١) في نسخة (د) : أحوال.
(٢) أضفناها من نسخة (د).
(٣) الوافية : ص ٣٣٥.