على أنّ الخبر الغير الموافق لكتاب الله زخرف وباطل ، ويلزم طرحه وإن لم يكن له معارض ، وعلى هذا فإذا تعارض حديثان ينبغي عرضهما على القرآن أو السنّة المقطوع بهما والعمل بالموافق لهما ، وإن لم يعلم الموافقة والمخالفة فالترجيح باعتبار الصفات ، ومع التساوي فالترجيح بكثرة الراوي (١) وشهرة الرواية ، ومع التساوي فالعرض على روايات العامّة ومذاهبهم أو عمل حكامهم ، وتأخر هذا عمّا قبله ممّا صرّح به في المقبولة ورواية رسالة القطب (٢).
وإن لم يعلم الموافقة والمخالفة فالعمل بالأحوط ؛ للمرفوعة ، وللروايات الأخر الدالّة على الاحتياط ، ومع عدم تيسر العمل بالأحوط فالتوقف إن أمكن ؛ للروايات الدالّة على التوقف عند فقد المرجّح ، وإن لم يمكن التوقف فالتخيير ؛ لأنّه عليهالسلام جعل التوقف في رواية الاحتجاج مقدّما على العرض على مذهب العامّة ، وهو مقدّم على التخيير على ما في كثير من الروايات ، وفيه نظر ؛ وتقدم التوقف على التخيير (٣) ، وكذا عكسه محل تأمّل .. انتهى بأدنى تغيير.
وقال صاحب الحدائق في الدّرر النجفيّة (٤) : الذي ظهر لي من تتبع الأخبار وعليه أعتمد ، وإليه أستند أنّه متى تعارض الخبران على وجه لا يمكن ردّ أحدهما إلى الآخر فالواجب أولا هو العرض على الكتاب العزيز ؛ وذلك لاستفاضة النصوص بالعرض عليه ، وأنّ ما خالفه زخرف وباطل ، ولعدم جواز مخالفة أحكامهم الواقعيّة للكتاب العزيز .. إلى أن قال : ويدلّ على تقديمه على مخالفة العامّة صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله (٥) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال «إذا ورد عليكم حديثان
__________________
(١) هكذا في النسخة.
(٢) المقصود منه القطب الراوندي من علماءنا المتقدمين ، ورسالته هذه غير متوفرة إلا أنّ صاحب الوسائل ينقل عنها ولعله ينقل بالواسطة أيضا.
(٣) جاءت العبارة في نسخة (د) هكذا : وتقدم التوقف عند فقد المرجح على التخيير وكذا عكسه محل تأمل ...
(٤) الدرر النجفيّة : ١ / ٣١١.
(٥) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٢٩ ، عنه بحار الأنوار : ٢ / ٢٣٥.