مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما (١) على أخبار العامّة».
وأيضا فإنّ الغرض من العرض على الكتاب ومذهب العامّة هو تميز حكم الله الواقعي عن الكذب والتقيّة ، ومعلوميّة ذلك بالعرض على الكتاب العزيز أوضح وأظهر ، لكون أحكامه غير محتملة لشيء (٢) من الأمرين المذكورين ، والمراد بالعرض على الكتاب العرض على نصوصه ومحكماته دون مجملاته ومتشابهاته ، إلّا مع ورود النصوص لبيان تلك المجملات ، وتفسير تلك المتشابهات ، فيعمل على ما ورد به النص في ذلك ، ولا بدّ أولا من معرفة الناسخ من المنسوخ ، وحينئذ فإن ظهر المحكم من الكتاب وإلا فالتوقف عن هذه القاعدة ، والعرض على مذهب العامّة والأخذ بخلافهم ؛ لاستفاضة النصوص بالأمر بالأخذ بخلافهم ، وإن لم يكن في مقام التعارض بين الأخبار والاختلاف فيها ، ففي رواية علي بن أسباط (٣) أنّهم متى أفتوا بشيء فالحق في خلافهم (٤) ، وعن الرضا عليهالسلام «إذا رأيت الناس يقبلون على شيء فاجتنبه» (٥) ، وعن أبي عبد الله عليهالسلام «ما أنتم ـ والله ـ على شيء ممّا هم عليه ولا هم على شيء ممّا أنتم عليه فخالفوهم ، فما هم من الحنفيّة على شيء» (٦) ، وفي بعض الأخبار «والله لم يبق في أيديهم إلا استقبال القبلة» (٧) ، وحينئذ وفي مقام التعارض بطريق أولى.
__________________
(١) لا توجد هذه الكلمة في نسخة (د).
(٢) في النسخة : الشيء.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٢٩ ، وفيه : .. فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، فإنّ الحق فيه» ، وعلّق عليها صاحب الوسائل قائلا : حمله بعض أصحابنا على الضرورة كما هو منطوقه ، وعلى المسائل النظريّة ، فقال : من جملة نعماء الله على هذه الطائفة المحقة أنّه خلّى بين الشيطان وبين علماء العامة ليضلهم عن الحق في كل مسألة نظريّة ، فيكون الأخذ بخلافهم ضابطة للشيعة .. انتهى ، ثمّ قال : ولا يخفى أنّه ليس بكلي ويمكن حمله على من بلغه في مسألة حديثان مختلفان وعجز عن الترجيح ، ولم يجد من هو أعلم منه.
(٤) في نسخة (د) : فالحق في خلافه.
(٥) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٣١.
(٦) المصدر السابق ؛ حديث ٣٢.
(٧) لم نعثر عليه في ما بأيدينا من مصادر روائيّة.