ثمّ مع عدم إمكان العرض على مذهبهم فالأخذ بالمجمع عليه للمقبولة والمرفوعة والمرسل الذي تضمنه كلام ثقة الإسلام من قوله عليهالسلام «خذ بالمجمع عليه» ، إلا أنّ في تيسر الاجماع لنا في مثل هذه الأزمان نوع إشكال ، فهذه القواعد الثلاث متى تيسر حصولها فلا يمكن خلافها ، ومع عدم إمكان الترجيح بها فالوقوف على ساحل الاحتياط .. إلى أن قال : وأمّا الترجيح بالأوثقيّة والأعدليّة فالظاهر أنّه لا ثمرة له بعد الحكم بصحة أخبارنا التي عليها مدار ديننا ، ومنها نأخذ شريعتنا (١) ، ولعلّ ما ورد في المقبولة محمول على الحكم والفتوى ، كما هو موردها ، أو يقال باختصاص ذلك بزمانهم قبل وقوع التنقية في الأخبار وتصفيتها من شوب الأكدار ، والله تعالى وأولياؤه اعلم ؛ انتهى.
أقول : وأمّا (٢) ما ذكره صاحب الوافية (٣) من تقديم العرض على الكتاب على الصفات فلا وجه له بعد تقديمها في المقبولة ، والمفروض أنّه لم يناقش في دلالتها ، ولعلّ نظره ـ كما ذكره ـ إلى ما ورد من أنّ المخالف للكتاب باطل ، وقد عرفت أنّه لا دخل لهذه الأخبار بما نحن بصدده ، ومن ذلك يظهر ضعف كلام صاحب الحدائق من الاستدلال بها على ما نحن فيه.
وأمّا ما ذكره صاحب الحدائق من تقديم العرض على مذهب العامّة على الشهرة والشذوذ ؛ فلا وجه له أيضا ، مع إنّه خلاف ترتيب المقبولة والمرفوعة ، والنصوص المذكورة لا تدلّ على ذلك ، بل على مجرّد الترجيح به.
ودعوى أنّ مقتضاها عدم حجيّة الخبر الموافق أصلا ، وكونه كذبا فينبغي تقديمه على الشهرة كما ترى ، إذ لا يمكن الأخذ بظاهر هذه الأخبار ، وإلا لزم طرح الخبر الغير المعارض إذا وافقهم ، مع أنّه خلاف الإجماع ، فيعلم من هذا أنّ الغرض مجرّد التأكيد ، مع إنّه لو كان الأمر كذلك لوجب (٤) تقديمه على بعض فروض موافقة الكتاب ، وكونه في عرض بعضها الآخر كما لا يخفى.
__________________
(١) في نسخة (د) : شريعتها.
(٢) لا توجد كلمة «وأمّا» في نسخة (د).
(٣) الوافية : ص ٣٣٥.
(٤) في نسخة (د) : يوجب.