وأمّا ما ذكره من عدم الاعتبار بالصفات من جهة كون الأخبار صحيحة ؛ ففيه أيضا أنّ مجرّد ذلك لا يقتضي طرحها بالمرّة ، حتى مثل الأفقهيّة مع إنّ كون كلها (١) صادرة مقطوع العدم.
مضافا إلى أنّ مقتضى ذلك عدم الترجيح بالشهرة والشذوذ أيضا ، إذ المفروض صحّة الشاذ أيضا ، إلا أن يقال : الوجه في طرحه عدم صدوره لبيان الحكم الواقعي لكنّ الظاهر أنّ السرّ فيه احتمال عدم الصدور كما لا يخفى ، بل أقول : مقتضى ما ذكره عدم وجود الأخبار المخالفة للكتاب أيضا في كتب الأخبار ؛ لأنّها عنده من معلوم الكذب فتدبّر! ثمّ لا وجه لعدم ذكر هذا (٢) الترجيح بموافقة السنّة ، بل وكذا سائر المرجّحات ممّا استفيد من الأخبار.
وكيف كان بناء على التعبّد في المرجّحات ـ كما هو مذهب الأخباريّة ـ لا وجه للعدول عن ترتيب المقبولة ، ولو قالوا إنّ الترتيب غير منظور ، بل الغرض مجرّد الذكر والتعداد ، فلا وجه لتعيين الترتب (٣) على ما ذكروه ؛ لأنّه راجع إلى الاجتهاد المنافي عندهم للتعبّد.
هذا وأمّا الكليني فالظاهر عدم كون نظره إلى الترتيب المذكور في كلامه ، بل غرضه مجرّد ذكرها ، ولعلّ صاحب الحدائق تخيّل أنّه بان على هذا الترتيب فأخذ منه ، وبيّن وجهه بما عرفت.
وقال الشيخ المحقق في الرسالة (٤) : اعلم أنّ حاصل ما يستفاد من مجموع الأخبار ـ بعد الفراغ عن تقديم الجمع المقبول ، وبعد ما ذكرنا من أنّ الترجيح بالأعدليّة وأخواتها إنّما هو بين الحكمين ، مع قطع النظر عن ملاحظة مستند هما ـ هو أنّ الترجيح أوّلا بالشهرة (٥) والشذوذ ، ثمّ بالأعدليّة والأوثقيّة ، ثمّ مخالفة العامّة ، ثمّ مخالفة ميل الحكّام ، وأمّا الترجيح بموافقة الكتاب والسنّة ، فهو من باب اعتضاد
__________________
(١) هكذا في النسخة.
(٢) في نسخة (د) : لعدم ذكرها.
(٣) في نسخة (د) : الترتيب.
(٤) فرائد الأصول : ٤ / ٧٣.
(٥) لا توجد كلمة «بالشهرة» في نسخة (د).