الإغماض عن حكومة الدليل أو وروده على الأصل ، أو عدم القول بالحكومة.
ومن ذلك يظهر أنّه لا وقع للإيراد على التعريف بشموله لتعارض الأصل والدليل مع عدم كونه من التعارض قطعا ، ولا للجواب تارة بانصراف الدليل إلى الاجتهادي ، وأخرى بالالتزام بالدخول في المعرّف ، وثالثة بالالتزام بدخول تعارض الأصل اللفظي والظنّي مع الدليل ، وخروج معارضته الأصل العملي التعبّدي لعدم اتّحاد المحمول ، لأنّ مفاد الأدلّة الحكم الشأني ، ومفاد الأصول الحكم الفعلي ، ولا مضادة بينهما ، وذلك لأنّه إذا قلنا بالورود أو الحكومة ، فتخرج معارضته الأصل والدليل بقيد التنافي ، وإلا فلا وجه للحكم بالخروج.
ومن الغريب حمل كلام المحقق الأنصاري رحمهالله (١) ـ في مقام بيان نفي المعارضة بين الأدلّة والأصول بدعوى الورود أو الحكومة ، والحكم بعدم التنافي بينهما ، من جهة تعدد الموضوع ـ على الجواب عن الإشكال المذكور ، مع أنّه ليس بصدد بيان ذلك ، وليس نظره إلى رفع إشكال طرد التعريف ، بل غرضه تحقيق الحال في صدق التعارض وعدمه ، وإلا فلا إشكال في التعريف على التقديرين ، كما عرفت ، وأمّا حديث تعدد الموضوع أو المحمول فسيجيء الكلام عليه.
ثمّ إنّ التعارض وإن كان يتحقق في الأمارتين على الموضوعات كاليد والبيّنة ونحوهما ، كقول اللغوي وغيره إلا أنّ المراد من الدليلين في المقام غيرهما ، بل الدليل على الحكم الشرعي الكلي ، وربّما يذكر حكم تعارض الأمارتين ـ أيضا ـ في هذا الباب (٢) استطرادا ، وكيف كان فتحصّل أنّ مناط التعارض توارد الدليلين على حكم موضوع واحد بالنفي والإثبات أن يكون كلّ منهما نافيا لما أثبته الآخر ، ولذا قلنا إنّ التضاد لا يكون تعارضا إلا بلحاظ أوله إلى التناقض ، فيعتبر فيه اجتماع الوحدات المعتبرة في التناقض (٣) ، وفي مثل تعارض الدال على وجوب الجمعة والدالّ على
__________________
(١) لا يوجد «رحمهالله» في النسخة (ب).
(٢) من قوله «أيضا» الى قوله «الباب» لا يوجد في النسخة (ب).
(٣) الوحدات المعتبرة لأجل تحقق التناقض بين قضيتين هي ثمان وقيل تسع وهي : ١ ـ اتحاد الموضوع. ٢ ـ اتحاد المحمول. ٣ ـ اتحاد الجهة. ٤ ـ اتحاد الزمان. ٥ ـ اتحادهما في القوة ـ ـ والفعل. ٦ ـ اتحادهما في الكليّة والجزئيّة. ٧ ـ اتحاد الشرط فيهما. ٨ ـ اتحاد الإضافة فيهما. وقد يضاف أمر تاسع وهو وحدة الحمل أوليّا أو شايعا صناعيّا.