بالتعدي عن منصوصاتها ، وفي غيرها لا يقال بالتعدي ، وسيظهر وجهه لنا على ما ذكرنا على بناء العقلاء حسبما عرفت سابقا ، وإجماع العلماء على ما حكي عن جماعة ممّن تقدم ذكرهم ، والظاهر منهم التعدي إلى الظنون النوعيّة ، وليس المدار عندهم على الظنّ الشخصي كما لا يخفى ؛ إلا من بعض متأخري المتأخرين من القائلين بالظن المطلق ، والقدر المتيقن من الإجماع ما ذكرنا من المرجّح الذي يوجب قوّة الطريقيّة دون مطلق المزيّة ، وإن كان عمل بعضهم على المطلق ، إلا أن يقال لا ينفع الإجماع فيما ادّعيت من حيث إنّه لو حصل الظنّ الفعلي بخلاف خبر الأرجح من حيث هو لم يعلم كون عملهم على تقديمه دون ما وافقه الظنّ ، فليس مختارك قدرا متيقنا ، ولكن لا يضر هذا بما نحن بصدده من إثبات التعدي في الجملة من هذا الإجماع.
هذا ؛ مع أنّ المنساق من أخبار الترجيح كون المناط الأقربيّة النوعيّة ، ووجود ما يوجب قوّة أحد الخبرين في الطريقيّة ، وذلك لأنّ جميع ما عدّ فيها من المرجّحات يكون من قبيل ما ذكر سوى الأحوطيّة في المرفوعة ، وقد عرفت سابقا قوّة احتمال كونها مرجعا لا مرجّحا ، فيظهر من هذا أنّ الملاك ما ذكرنا ؛ خصوصا بملاحظة اختلاف الأخبار في ذكر بعضها وعدمه ، وفي الترتيب بينها ، وعدم تعرّضها لصورة تعارض بعضها مع بعض ، مع إنّه الغالب ؛ إذ صورة التساوي من جميع الجهات إلا من واحدة قليلة ، ولعمري إنّ هذا من أظهر الشواهد على كون المناط القوّة ، وأنّ ذكرها من باب المثال ، وأنّ المقصود تعداد جملة من أسباب القوّة.
ودعوى أنّ بعض المرجّحات المذكورة ليس ممّا يوجب الأقربيّة فيكون من باب التعبّد ، ويكون قرينة على تعبّديّة البقيّة مثل الأعدليّة والأورعيّة والأفقهيّة كما ترى ؛ إذ من المعلوم أنّها أيضا مفيدة للأقربيّة إلى الصدور ، أو إلى الواقع ، فتورث القوّة ويمكن أن يؤيّد ما ذكرنا بدعوى أنّ المنساق من أخبار التخيير أيضا الاختصاص بصورة عدم المزيّة لأحدهما على الآخر ، وأنّه مختصّ بصورة الحيرة المفقودة مع وجود المرجّح ، خصوصا مع كون بناء العقلاء على تقديم الأرجح ، فإنّه لو منع حجيّة بنائهم من حيث هو ـ كما قد يدّعى حسبما عرفت سابقا ـ أمكن جعله وجها