إلى المرجحات لأحد الدليلين بل إلى مرجحات أحد التكليفين من أولويّة دفع المفسدة أو أولويّة (١) مراعات حقّ الناس أو نحو ذلك ، وإنّما قلنا إنّها من باب التزاحم لأنّ المفروض في تلك المسألة أن يكون النهي تامّ الاقتضاء ومتعلّقا بجميع أفراد الطبيعة من حيث هي ، والأمر كذلك ؛ غاية الأمر كونه على وجه التخيير ولا يكون قصور في شيء من أفراد الطبيعتين في المصلحة والمفسدة ، إلا أنّ تمانع الطلبين في مقام الفعليّة وعدم امكان اجتماع العصيان والطاعة والتحريك على الفعل والترك معا أوجب ـ بحكم العقل ـ رفع اليد عن مقتضي الأمر في مقام الفعليّة مع بقاء الأمر على حاله ، وعدم تقييده في حدّ نفسه ، نظير الحليّة (٢) الموجودة في الغنم الباقية في الغنم المغصوب ، وإن كان الحكم الفعلي فيه الحرمة من جهة الغصب فإنّه لا ينافي كونه حلالا من حيث الغنيمة ، غاية الأمر أنّ الصحّة لما كانت مترتبة ومتفرعة على فعليّة الطلب يحكم بالبطلان عند عدمها وإلا فالصلاة تامّة في الصلاة به ، ومصلحتها لا قصور فيها أصلا ، إلا من قبل عدم فعليّة الطلب ، ولذا لا يقولون بالفساد إلا حال العلم.
وأمّا حال الجهل والنسيان فيحكمون بالصحّة (٣) ، ولو كان من باب تخصيص الأمر أو تقييده لم يكن وجه للصحّة ، لأنّ المفروض إنّ هذا الفرد خارج عن دليل الصحّة واقعا على هذا الفرض ، ومن ذلك قلنا بجواز الاجتماع وكفاية تعلّق الأمر بالطبيعة في الصحة بعد انطباق الفرد عليها ، وإن لم يتعلّق به أمر لأنّه ليس معتبرا في الحكم بالصحّة ، بل الانطباق على المأمور به كاف فيها ، بل نقول في الأفراد المباحة أيضا لم يتعلّق بها أمر ، وملاك صحّتها ليس إلا تعلّق الأمر بالطبيعة وانطباقها عليها ، بل قلنا
__________________
(١) في نسخة (ب) : وأولويّة.
(٢) لا توجد كلمة «نظير» في نسخة (ب) والموجود : كالحليّة.
(٣) اختلف الأعلام في توجيه ذلك علميّا بتبع اختلافهم في حيثيّة الرفع بالنسبة للجاهل والناسي ، فعلى المشهور من أنّ الرفع في الناسي واقعي فيحكمون بالصحّة ، وأمّا بالنسبة للجاهل فمنهم من يرى أنّ الرفع فيه ظاهري لا واقعي للزوم تحقق التصويب المجمع على بطلانه في حال التزام كون الرفع واقعيا ـ وهذا ما اختاره الشيخ الأعظم ، ولو لم يكن هذا اللازم موجودا لأمكن القول بالرفع الواقعي بالنسبة للجاهل أيضا.