الترجيح بالاحتياط بعد عدم سائر المرجّحات ، ووحدة السياق إنّما تؤثر إذا لم يعلم عدم كونه موجبا للقوّة ، ولم تكن الفقرات المتقدمة ظاهرة كمال الظهور في كون المدار على ما يوجب القوّة مطلقا.
وبالجملة ظهور السياق في كون المرجّحات على نسق واحد لا يقتضي رفع اليد عن ظهور الفقرات المتقدمة في التعدي ، إذا لم يمكن الأخذ بهذا المرجّح إلا تعبّدا فتدبّر!
هذا ؛ وقد يستشكل في الأخذ بهذا المرجّح من باب القاعدة ، مع قطع النظر عن الأخبار ، وقد يستشكل في الأخذ به من باب الأخبار :
أمّا من الجهة الأولى فقد استشكل المحقق ـ كما عرفت (١) ـ من جهة أنّ احتمال التقيّة في الخبر الموافق معارض باحتمال التأويل في الآخر ، فإنّه قال :
فإن احتجّ بأنّ الأبعد لا يحتمل إلا الفتوى ، والموافق يحتمل التقيّة ، فوجب الرجوع إلى ما لا يحتمل.
قلنا : لا نسلّم أنّه لا يحتمل إلا الفتوى ؛ لأنّه كما تجوز (٢) الفتوى لمصلحة يراها الإمام عليهالسلام ، كذلك تجوز الفتوى بما يحتمل التأويل ، لمصلحة يعلمها الإمام عليهالسلام ، وإن كنّا لا نعلم ذلك.
فإن قال : إنّ ذلك يسدّ باب العمل بالحديث.
قلنا : إنّما نصير إلى ذلك على تقدير التعارض وحصول مانع يمنع من العمل لا مطلقا ، فلا يلزم سدّ باب العمل ؛ انتهى.
وأجاب عنه صاحب المعالم (٣) بأنّ احتمال التقيّة في كلامهم أقرب وأغلب.
وأورد على هذا الجواب بمنع أغلبيّة التقيّة ـ في الأخبار ـ من التأويل ، مضافا إلى أنّ كلامه مشعر بتسليم ما ذكره المحقّق من المعارضة بين الحمل على التقيّة والتأويل مع أنّه غير مسلم ؛ لأنّ الكلام فيما إذا اشترك الخبران في جميع الاحتمالات
__________________
(١) لا توجد «كما عرفت» في نسخة (د).
(٢) في نسخة (ب) و (د) : كما جاز.
(٣) معالم الأصول : ٣٩٢.