الحنيفية على شيء ، وإمّا بدعوى أنّ الغالب في الخبرين المتعارضين (١) ـ إذا كان أحدهما موافقا لهم ـ أنّه صدر تقيّة ، كما يعلم من الخارج ، بملاحظة شدّة التقيّة في أعصار الأئمة عليهمالسلام خصوصا الصادقين عليهماالسلام ، وجلّ الأخبار مرويّة عنهما ، ويعلم أيضا بملاحظة الأخبار الدالّة على ذلك ، كما سيأتي الإشارة إليها إن شاء الله.
والإنصاف أنّ كلتا الغلبتين ثابتة (٢) ، وهما أمارتان على بطلان الخبر الموافق ، فيبقى المخالف على قوّته ، وقد عرفت أنّه لا يعتبر أن يكون المرجّح موجبا للظنّ بحقيّة الخبر ، بل يكفي كونه موجبا لضعف الآخر ، مع أنّه إذا كان الاحتمال منحصرا في مفاد الخبرين يكون موجبا للظنّ بصدق المخالف أيضا.
وأمّا الثاني فلاستفاضة الأخبار بالأخذ بما خالف العامّة ، فيجب الأخذ به سواء أخذنا بالمنصوصات تعبّدا أو فهمنا من الأخبار أنّ المدار على العمل بالأقوى ، أمّا على الأوّل فواضح ، وأمّا على الثاني فلما عرفت من حصول القوّة للمخالف بملاحظة الغلبتين أو إحداهما ، لا أقل من احتمال وجود إحداهما ، وهو كاف في المقام ، ولا يلزم إحرازها ؛ لأنّه إذا احتملنا تحقق إحدى الغلبتين فنأخذ بالأخبار ونجعلها دليلا على تحقق الغلبة ، لأنّا إذا فهمنا من الأخبار أنّ المرجّح ليس إلا ما يكون أمارة نوعيّة على قوّة أحد الخبرين ، وقال الإمام عليهالسلام : خذ بكذا مرجّحا ، نستكشف منه أنّه أمارة نوعيّة ، نعم يشكل الحال لو علمنا بعدم تحقق الغلبة بشيء من الوجهين ؛ حيث إنّ المفروض أنّ الترجيح ليس تعبديا ، بل من باب كونه موجبا للقوّة ، والمفروض عدمه ، بل يمكن أن يقال : لا مانع من الأخذ بهذا المرجّح تعبدا أيضا ، ولا ينافي ذلك ما بنينا عليه من أنّ المستفاد من الأخبار أنّ المدار على القوّة ولذا تعدّينا عن المنصوصات ، وذلك لأنّه يمكن أن يكون الإمام عليهالسلام بعد ما فرغ من أسباب القوّة من الشهرة والشذوذ وصفات الراوي وموافقة الكتاب بيّن اللازم (٣) بعد فقد هذه المرجّحات الأخذ بخلاف العامّة تعبدا ، نظير ما تضمنته المرفوعة من
__________________
(١) لا توجد كلمة «المتعارضين» في نسخة (ب).
(٢) في نسخة (ب) : ثابتتان.
(٣) في نسخة (ب) و (د) : بيّن أنّ اللازم ...