إليه ، وهو أنّه يؤخذ بالخبر المخالف للعامّة إذا كان الخبر الموافق لهم شاذا ، لا فيما إذا كان مشهورا بين الأصحاب ، وهذا ظاهر في التفصيل ، إذا لم يكن الشذوذ بحيث يخرجه عن الحجيّة ، وإلا خرج عن محلّ الكلام.
وكيف كان ؛ حكي عن المحقق أيضا إنكار هذا المرجّح ، نظرا إلى أنّ الدليل عليه هو الأخبار ، ولا يجوز العمل بالخبر الواحد في المسائل العمليّة (١) ، أي الأصوليّة.
وإن أريد العمل به من حيث القاعدة ، حيث إنّ الخبر المخالف لا يحتمل إلا الفتوى والموافق يحتمل التقيّة ، ففيه : أنّ الخبر المخالف أيضا محتمل التأويل (٢) ، وإرادة خلاف ظاهره ، ويحكى عن جماعة من الأصوليين عدم التعرض له ، وظاهرهم عدم العمل به.
وكيف كان ؛ فالحق اعتباره والترجيح به ، بمقتضى القاعدة وبمقتضى الأخبار.
وأمّا (٣) الأول : فلأنّك قد عرفت الدليل من بناء العقلاء وغيره على الترجيح بكل ما يوجب قوّة في أحد الخبرين ، ومن المعلوم أنّ مخالفة العامّة كذلك ، إمّا بدعوى أنّ الغالب في أقوالهم البطلان ، فيكون الحق في خلافهم مطلقا ، أو في خصوص موارد (٤) ورود خبر (٥) على خلافهم ، والشاهد على ذلك أنّهم في فهم الأحكام يعتمدون على آرائهم وقياساتهم واستحساناتهم ، مع أنّ قلوبهم منكوسة ، وآرائهم معكوسة ، وظنونهم منحوسة ، ويعملون بكلّ خبر من برّ أو فاجر ، ولم يأتوا البيوت من أبوابها وأعرضوا عن سؤال أهل الذكر ، فحقيق أن يكون الغالب في أحكامهم البطلان ، لا أقل في خصوص مورد ورود (٦) خبر عن أهل البيت على خلافهم.
هذا مضافا إلى ما ورد من الأخبار في أنّ الحق في خلافهم (٧) ، وأنّهم ليسوا من
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) : العلمية ؛ وهو الصحيح.
(٢) في نسخة (ب) و (د) : محتمل للتأويل.
(٣) في نسخة (ب) و (د) : أمّا.
(٤) في نسخة (ب) : مورد.
(٥) لا توجد كلمة «خبر» في نسخة (د).
(٦) في النسخة (ب) : ورد.
(٧) وسائل الشيعة : ٢٧ / باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ١٩.