في الترجيح هو التقيّة ، وإلا فلو كان الوجه كون (١) الرشد في خلافهم يكون من المرجّح المضموني ، بل قد عرفت سابقا أنّه ـ بناء على الأول أيضا ـ من المرجّح المضموني ، لأنّ الجهة لا تصير موردا للرجحان حقيقة (٢) ، بل المورد له هو المضمون.
هذا ؛ وبعضهم عدّها من المرجّح المتني ؛ كصاحب الفصول (٣) إلا أنّ تقسيمه كان باعتبار المرجّح لا مورد الرجحان ، فيشكل عليه بأنّ الأولى أن يعدّها من المرجّحات الخارجيّة ، كما صنعه بعضهم ؛ إذ لا فرق بينها وبين موافقة الكتاب والسنّة ، ولعلّ نظره في أنّ المرجّح هو الكتاب (٤) ، وهو أمر خارج عن الخبر ، بخلاف المقام فإنّ المرجح ليس قول العامّة ؛ بل موافقة الخبر ومخالفته ، وهما راجعان إلى نفس الخبر ، والأمر سهل.
ثمّ إنّه لا ينبغي الإشكال في الترجيح بمخالفة العامّة في الجملة ، لكن عن المفيد منع ذلك ، وأنّه ليس من المرجّحات ، حيث إنّه في بعض المسائل الفقهيّة المتعارض فيها النصّان ـ بعد ما نقل عن بعض الأخذ بأحدهما (٥) لمخالفة العامّة ، لقوله عليهالسلام «ما جاءكم عنّا من حديثين مختلفين فخذوا بأبعدهما من قول العامّة» (٦) ـ قال ما مضمونه :
إنّ معنى هذا الخبر أنّه إذا جاءكم منّا ما يكون متضمنا للترحيم على أحد خصماء الدين ، أو لرؤساء المنكرين ، وجاءكم عنّا أيضا ما يتضمن ذمّهم ولعنهم فخذوا بأبعدها (٧) من قول العامّة ، وهو الأخير.
فليس المراد الترجيح في تعارض الخبرين في الأحكام الفرعيّة ، ومقتضى هذا الكلام إنكار الترجيح بمخالفة العامّة ، لكنّه (٨) يحكى عنه قول آخر سيأتي الإشارة
__________________
(١) في نسخة (د) : هو الرشد.
(٢) لا توجد كلمة «حقيقة» في نسخة (ب).
(٣) الفصول الغرويّة : ٤٢٨.
(٤) في نسخة (ب) و (د) هكذا : ولعلّ نظره في الفرق إلى أنّ المرجّح ...
(٥) لا توجد كلمة «بأحدهما» في نسخة (د).
(٦) مستدرك الوسائل : ١٧ / ٣٠٦ باب وجوب الجمع بين الأحاديث ، حديث ١١.
(٧) في نسخة (ب) و (د) : بأبعدهما.
(٨) في نسخة (ب) : لكن.