سواء كانت الدلالة والجهة مظنونتين أم لا ـ بل القطع بالدلالة (١) في أحد المتعارضين لا يجدي أيضا في حصول الظن بالحكم أو العلم به ، فكيف عن الظنّ ؛ وتوضيحه : إنّا نفرض المتعارضين تارة قطعيي الصدور وأخرى ظنّيي الصدور ، فإن كانا قطعيّي الصدور وظنّيّي الدلالة لم يحصل من أحدهما الظن بالحكم مع تساويهما في احتمال التقيّة وعدمه ، وهو واضح ، ولو اختص أحدهما باحتمالها .. إلى أن قال : ثم (٢) إنّ دعوى غلبة التقيّة في الأخبار مجازفة ، ومجرّد موافقة أحدهما لمذهب العامّة لا تفيد الظن بالتقيّة ، فالحق ما أفاده المحقّق من عدم الترجيح بها ، اللهمّ إلا أن يضمّ (٣) إليها بعض علائم التقيّة ، فالترجيح بها حينئذ موافق للقاعدة ، لحصول الظن ، وهو كثير (٤) في الأخبار المتعارضة ، أو يدعى الغلبة في خصوص الأخبار المتعارضة التي كان أحد الخبرين موافقا لهم ، أو يقال إنّ الترجيح يدور مدار الظن ، وغرض الشيخ وسائر الأصحاب المصرّحين بالترجيح بها : التنبيه على أنّ موافقة العامّة قد تكون مرجّحة إذا أفادت الظن ، وهذا هو الأمتن ، وإن كانت دعوى الغلبة في خصوص المتعارضين ـ كما هو مبنى كلام صاحب المعالم (٥) ـ غير بعيدة ؛ انتهى.
أقول : في هذا الكلام أنظار لا بأس بالإشارة إليها :
أحدها : ما عرفت سابقا من عدم كون المناط في المرجّحات الظنّ الفعلي بالحكم الواقعي ، وأنّ الترجيح لا بدّ أن يكون في مناط الحجيّة ، والمفروض أنّ الظن النوعي الحاصل من المرجّح موجب لقوّته (٦) ، ولذا لا يعتبر الظن الفعلي في غير مقام المعارضة على مذهب هذا الفاضل أيضا.
الثاني : غير خفي أنّ مجرّد احتمال التأويل الذي هو موجود في جميع المقامات
__________________
(١) في نسخة (ب) هكذا : بل القطع بالدلالة والجهة.
(٢) لا توجد كلمة «ثمّ» في نسخة (د).
(٣) في نسخة ب : ينضم.
(٤) كتب قبل كلمة كثير : الأكثر ؛ وفي النسخة (ب) و (د) هكذا : أكثر كثير.
(٥) معالم الدين : ٣٩٢.
(٦) جاءت العبارة في النسخة (ب) (د) هكذا : والمفروض أنّه الظن النوعي ولذا لا يعتبر ...