من غير اختصاص له بحال المعارضة لا يمنع عن الظن معارضا (١) أحيانا ، فلا وجه لقوله لا يعقل حصول الظنّ بأحدهما ، وإن أراد حصول (٢) الظن لا يكون دائميّا فلا يعتبر ذلك بناء على اعتبار المرجّحات (٣) من باب الظن الفعلي ؛ إذ ليس شيء من المرجّحات ملازما للظن الفعلي دائما ، مع أنّ هذا الاحتمال بعيد عن عبارته بل مناف لقوله «لا يعقل».
الثالث : إنّ ما ذكره من منع حصول الظن على تقدير تحقق غلبة التقيّة لمكان احتمال الكذب والخطأ في السند لا وجه له ؛ لأنّ مجرّد الاحتمال لا يضرّ في حصول الظنّ ؛ خصوصا مع كون المفروض أنّ هذا الاحتمال ملغى في نظر الشارع والعقلاء ، كيف؟ ولازم ما ذكره عدم الترجيح بشيء من المرجّحات لوجود هذا الاحتمال في جميعها.
والحاصل إنّ حاصل كلامه أنّ الخبرين إذا كانا قطعيين سندا وظاهرين من حيث الدلالة فيحتمل التأويل في كليهما ، وإن كانا ظنّيين سندا ، فيحتمل كذب سندهما أو الخطأ فيه ، وهذان الاحتمالان مانعان عن حصول الظنّ ، وإن كان أحد الخبرين يزيد احتمال اختلاله من جهة التقيّة ، أو يظن فيه ذلك أيضا ، إذ لا يؤثر هذا الاحتمال وهذا الظن في رفع احتمال التأويل أو الكذب أو الخطأ بالنسبة إلى الخبر المخالف ، فلا يحصل منه الظن بالحكم ، وأنت خبير بأنّ هذين الاحتمالين يمكن فرضهما في سائر المرجّحات أيضا ، فيكون باب الترجيح منسدا بالمرّة.
ثمّ إنّ ما ذكره من الفرق بين التقيّة في اللفظ والعمل ، وأنّ الثاني لا يلازم الظنّ بالتأويل ؛ لا وجه له ، إذ مع التقيّة في العمل أيضا لا يكون ظاهر الخبر الصادر على وجه التقيّة مرادا واقعيّا للإمام عليهالسلام لو سلّمنا كونه مرادا ظاهريا له بالنظر إلى حال العامل تقيّة ، وإلا فيمكن أن يقال : حاله حال صورة الاتقاء ؛ أي التقيّة في اللفظ ، وأنّ الإمام عليهالسلام لم يرد ظاهر الخبر ؛ بل ألقى الكلام ليفهم الراوي ظاهره ، ويعمل به ،
__________________
(١) لا توجد كلمة «معارضا» في نسخة (د).
(٢) في نسخة (ب) و (د) : أراد أنّ حصول ...
(٣) في نسخة الأصل : المرجحيات.