أنّه لا بدّ من توجيهها ـ بعد كونها مخالفة للوجدان ـ فيرجع الأمر إلى التعبّد بعلّة الحكم وهو أبعد من التعبّد بنفس الحكم ، فظهر أنّه لا يمكن الأخذ بهذا بالمرجّح بشيء من الوجوه المذكورة.
قلت : الإنصاف تحقق غلبة البطلان في أحكامهم ، ولو في خصوص مورد ورود خبر عن أئمتنا على خلافهم ، فيكون التعليل المذكور صحيحا ، نعم لا يكون المرجّح حينئذ أمارة على صدق المخالف ؛ مع عدم الانحصار في الاحتمالين ، لكنّك عرفت سابقا أنّه لا يعتبر كون المرجّح مفيدا لقوّة الخبر ، بل يكفي كونه أمارة على ضعف الآخر ، فيبقى الأول على قوّته ، وهذا نوع تقوية كما لا يخفى! ولا نسلّم ظهور التعليل في كون المخالفة أمارة على صدق مضمون المخالف حتى يمنع (١) ذلك ـ على فرض تعدد الاحتمالات ـ بل مفاده أعمّ من ذلك ومن تقوية المخالف بتضعيف الموافق ، كما لا يخفى! وعلى فرض عدم تحقق الغلبة فاحتمالها كاف في محمل الأخبار ، وفي صحّة التعليل المذكور ، فتصير الأخبار الدالّة على الترجيح وهذا التعليل قرينة على تحقق الغلبة المذكورة ـ بعد اعتبار كون المرجّح ممّا يكون موجبا للقوّة نوعا.
وكذا الإنصاف معلوميّة كون الغالب في الخبرين المتعارضين ـ مع موافقة أحدهما للعامّة ـ أنّ الموافق صدر تقيّة ، فيمكن أن يكون الوجه في الترجيح هو الحمل على التقيّة ، وإن لم يتمّ الخبر المذكور شاهدا ، فلا نحتاج في هذا إلى شاهد بعد تحقق الغلبة المذكورة ، مع أنّ احتمالها كاف في المقام أيضا بالتقريب المتقدم.
والغرض إبداء الوجه في الترجيح ـ بعد دلالة الأخبار المذكورة عليه ـ فلا يضرنا عدم دلالة الخبر المذكور ، مع أنّ الإنصاف تماميّة دلالته ؛ لأنّ المراد من الشباهة أعمّ ممّا ذكر فيشمل المقام أيضا ، ومجرّد إطلاق الشباهة على ما ذكر لا يقتضي الاختصاص.
هذا مضافا إلى ورود جملة من الأخبار دالّة على أنّ الوجه في اختلاف الأخبار هو
__________________
(١) جاء في نسخة ب هكذا : حتى يتبع.