أنتم فيه ، فخالفوهم فإنّهم ليسوا من الحقيقة على شيء» (١) ، فتعين أحد الخبرين (٢) ، وكلاهما مشكل ؛ أمّا الأول منهما وهو التقيّة ؛ فلأنّ الشاهد على كونها (٣) الوجه في الترجيح هو قوله عليهالسلام «ما سمعتم منّي .. إلى آخره» ، ودلالته لا تخلو عن خفاء ؛ لاحتمال أن يكون المراد من شباهة أحد الخبرين بقول الناس كونه متفرعا على قواعدهم الباطلة ، مثل تجويز الخطأ على المعصومين [عليهمالسلام](٤) عمدا أو سهوا ، والجبر والتفويض .. ونحو ذلك ، وقد أطلقت (٥) الشباهة على هذا المعنى في بعض أخبار العرض على الكتاب والسنّة ، حيث قال «فإن أشبههما فهو حق وإن لم يشبههما فهو باطل» (٦) ، حيث حكم ببطلان ما لم يشبههما ، وهو لا يكون إلا في مثل المذكورات ، ويؤيد هذا المعنى أنّه ـ بناء عليه ـ لا يحتاج إلى جعل القضيّة غالبيّة ، إذ مع هذا يمكن كونها (٧) دائميّة ، وأيضا على هذا لا يختص بصورة التعارض ، ويمكن الأخذ بعمومه.
وأمّا الثاني ؛ فلأنّ التعليل المذكور في الأخبار بظاهره غير مستقيم ؛ لأنّ خلافهم ليس حكما واحدا ، حتى يكون هو الحق ، يعني إنّ مقتضى ظاهر التعليل أنّ كون الرشد في خلافهم أمارة على صدق الخبر المخالف ، وليس كذلك ؛ لتعدد محتملات خلافهم ، وعدم انحصاره في الخبر المخالف.
وإن حمل على أنّ المراد أنّ كون الرشد في خلافهم يقتضي أبعديّة الموافق عن الحقّ وأقربيّة المخالف إليه من حيث إنّه أحد محتملات خلافهم ، الذي فيه الحق نقول إنّه فرع ثبوت غلبة (٨) البطلان على أحكامهم ، أو احتماله ، وهو ممنوع ، وخلاف الوجدان ، ورواية أبي بصير الدالّة على ذلك ، وإن تأكد مضمونها بالحلف إلا
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٣٢.
(٢) قد شطب على «الخبرين» في نسخة (د) وكتب الأخيرين.
(٣) أي التقيّة.
(٤) أثبتناه من نسخة (ب).
(٥) في النسخة : أطلق.
(٦) وسائل الشيعة : ٢٧ / الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ٤٨.
(٧) في نسخة (ب) : كونهما.
(٨) في نسخة (ب) : أغلبيّة.