أحد الثلاثة ، والثانية يمكن دعوى عدم تعلّقها بمسألة الترجيح بين الأخبار ، وأنّ المراد من الخبرين أنّ الشيعي (١) لا بدّ أن يكون تابعا لإمامه في أفعاله وأحواله ؛ لا أنّه إذا دار الأمر بين كون هذا قول الإمام عليهالسلام أو ذاك يجب الأخذ بما يكون مخالفا للعامّة ، فالمراد وجوب كون أفعال الشيعة مطابقة لأفعال الإمام عليهالسلام ، لا لأفعال المخالفين وأين هذا من مسألتنا؟
وقوله عليهالسلام «شيعتنا الآخذون بقولنا» يعني القول المعلوم عنّا «المخالفون لأعدائنا» يعني فيما علم عدم كونه من قولنا ، ولعمري إنّه الظاهر من الخبرين ، فبقي أن يكون الوجه أحد الأخيرين ، ولا منافاة بينهما ، ويمكن أن يكون الحكم معلّلا بكل منهما ، إذ كلّ واحد منهما صالح لأن يكون وجها للترجيح ، مع أنّه إذا كان الحق في خلافهم فيكون محمل الخبر الآخر هو التقيّة بعد الفراغ عن صدوره ، وإذا كان الآخر تقيّة فيكون الرشد في الأول.
والحاصل : إنّه لا وقع للإشكال المذكور.
وقد يقرّر الإشكال على وجه آخر أحسن ؛ وهو ما يظهر من الرسالة (٢) ، وحاصله :
أنّ الوجه في الأخذ بمخالف العامّة المأمور به في الأخبار أحد الأربعة من التعبّد وحسن مجرّد المخالفة لهم ، والتقيّة ، وكون الرشد في خلافهم ، كما يدل على كل واحد منها بعض الأخبار ، والأولان باطلان ؛ لبعد التعبّد عن مقام الترجيح المبني على الكشف النوعي ، كما يظهر من التعليل المذكور في الأخبار المستفيضة ، وكذا الأخذ من باب مجرّد حسن المخالفة ؛ لأنّه أيضا نوع تعبّد لا يقتضي (٣) ذلك أقربيّته إلى الواقع ، فهو نظير الترجيح بموافقة الأصل ، أو بالتأسيسيّة ، أو بالأسهليّة ، مع أنّ صريح رواية أبي بصير أنّ الأخذ بمخالفتهم (٤) من باب الأقربيّة لا من باب حسن المخالفة ؛ حيث قال عليهالسلام «ما أنتم والله على شيء ممّا هم فيه ، ولا هم على شيء ممّا
__________________
(١) في سائر النسخ : الشيعة ، والأصح ما أثبتناه.
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ١٢١ ، ١٤٠ ـ ١٤٢.
(٣) في نسخة (د) : إذ لا يقتضي ذلك.
(٤) في نسخة (د) : بمخالفهم.