جملة من الأخبار الأخر على الحمل المذكور كما سيأتي ذكرها.
ثمّ إنّ الشيخ في الرسالة (١) دفع الإشكال عن الاحتمالين الأخيرين ، فعن ثانيهما (٢) بما حاصله : إنّه يمكن الالتزام بغلبة البطلان في أحكامهم ، على ما صرّح به في رواية الأرجائي ، وأصرح منها ما عن أبي حنيفة من قوله : خالفت جعفرا في كل ما يقول إلا أنّي لا أدري يغمض عينيه في الركوع والسجود أو يفتحهما (٣) ، وحينئذ فنأخذ بالتعليل المذكور إمّا بظاهره من كون المخالفة مقوّية لمضمون الخبر المخالف ـ بعد دعوى غلبة انحصار الفتوى في الوجهين ـ في مورد الخبر ، وهو اتّفاق جميع العامّة على مضمون أحد الخبرين ، فإنّ الغالب في هذه الصورة انحصار وجه المسألة في وجهين ، وأنّه إذا كان أزيد من الوجهين ، وكان فيها وجوه يكون العامّة مختلفين في الفتوى ، فيخرج عن مورد التعليل ، وهو صورة اتفاقهم.
وإمّا بحمله على إرادة كون المخالفة موجبة للأبعديّة عن الباطل ، والأقربيّة إلى الحق إذا أغمضنا عن غلبة الانحصار.
وعن أوّلهما (٤) بأنّ وجه الحمل على التقيّة ليس منحصرا في الخبر المذكور ، بل الوجه فيه ما تقرر في باب التراجيح ، واستفيد من النصوص والفتاوى (٥) من حصول التراجيح (٦) بكل مزيّة في أحد الخبرين توجب كونه أقل أو أبعد احتمالا لمخالفة الواقع من الخبر الآخر ، والمفروض أنّ الخبرين متساويان ، والموافق يحتمل التقيّة ، وهذا الاحتمال مفقود في المخالف ، فيكون ذا مزيّة من هذه الجهة.
قلت : أمّا كلامه الأول فمتين ؛ إلا أنّك عرفت أنّ التعليل لا يقتضي أزيد من تقوية المخالفة للعامة للخبر المخالف بتضعيف الموافق ، ولا يكون ظاهرا في أنّها أمارة على صدق الخبر المخالف حتى نحتاج إلى إثبات غلبة الانحصار في الوجهين كي
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٢٤.
(٢) في نسخة (د) : ففي ثانيهما.
(٣) لم نعثر على مصدر تاريخي لهذه الكلمة منه ، وعلى حال لا يستبعد صدور مثلها من مثله.
(٤) فرائد الأصول : ٤ / ١٢٥.
(٥) في نسخة (ب) : الفتاوى والنصوص ، وفي نسخة (د) : من الفتاوى.
(٦) في نسخة (ب) و (د) : الترجيح.