يرد علينا المنع من تحقق هذه الغلبة ، فالالتزام بغلبة البطلان على أقوالهم ، ولو في خصوص صورة ورود خبر عن أئمتنا (عليهمالسلام) على خلافهم كاف في تصحيح التعليل في المطلب.
وأمّا كلامه الثاني فصحيح على مذهبه من الترجيح بمجرّد وجود احتمال أقربيّة أو أبعديّة ، وأمّا على مذاقنا من لزوم كونه أمارة نوعيّة فنحتاج إلى إثبات غلبة التقيّة أو احتمالها ، كما عرفت.
ثمّ إنّه يظهر من كلامه هذا أنّه عدل عن التمسك بالأخبار في الترجيح من باب الحمل على التقيّة ، وتمسك بمقتضى القاعدة المستفاد من النصوص والفتاوى من الترجيح بكل مزيّة ، وأظهر من هذا ما ذكره في آخر المسألة بقوله فتلخّص أنّ الترجيح بالمخالفة من أحد وجهين .. إلى قوله : الثاني من جهة كون المخالف ذا مزيّة ، لعدم احتمال التقيّة ، ويدلّ عليه ما دلّ على الترجيح بشهرة الرواية معلّلا بأنّه لا ريب فيه ، بالتقريب المتقدم ، ولكنّك عرفت أنّ التمسك بالأخبار الخاصّة لا إشكال فيه ، والحمل على التقيّة محملها ووجه الترجيح المذكور فيها ، فلو نوقش في دلالة الخبر المذكور سابقا من قوله عليهالسلام «ما سمعتم .. إلى آخره (١)» لا يلزم طرح الأخبار ، وعدم التمسك بها والرجوع في الترجيح بالمخالفة إلى القاعدة.
ويمكن أن يستظهر من هذا الكلام من الشيخ أنّ غرضه في أصل الإشكال أنّ ظهور التعبديّة من الطائفة الظاهرة في التعبد يمنع عن التمسك بها بعد وجوب كون المرجّح من باب الكشف عن الواقع والأقربيّة ، وكذا ورود الإشكال في التعليل المذكور في الأخبار يمنع عن التمسك بالأخبار المشتملة على التعليل ، وإذا ورد الإشكال على قوله عليهالسلام «ما سمعتم منّي .. إلى آخره» أيضا ؛ فلا بدّ في الأخذ بهذا المرجّح من الرجوع إلى القاعدة ، لعدم دليل عليه ، فيكون تقرير الإشكال على غير ما حملنا عليه كلامه من أنّ الإشكال إنّما هو في الوجه في الترجيح.
فتحصل أنّ هذا الإشكال يمكن تقريره بوجوه :
__________________
(١) قوله «إلى آخره» لا يوجد في نسخة (ب).