ثمّ لا يخفى أنّ كونه قرينة عامّة أيضا لا يخلو من نوع تعبّد ، وليس إخبارا صرفا ؛ وذلك لأنّه إخبار صرف إذا كانت القضية دائميّة ، كما هو كذلك ـ بناء على الحمل الذي ذكره الشيخ في الرسالة ـ والمفروض أنّ بناء الاستدلال على كونه غالبيا ، وحينئذ فيكون مفاد الخبر أنّ أقوالي الشبيهة بأقوال العامّة الغالب فيها التقيّة ، ومن المعلوم أنّ اعتبار هذه الغلبة يحتاج إلى تعبّد من الشارع ، فيكون الخبر بصدد إثبات الغلبة واعتبارها معا ، فلا فرق في الاحتياج إلى الجعل والتعبد بين كونه قرينة عامّة أو أمارة نوعيّة ، مع أنّ المفروض أنّ وجه الاختصاص والاقتصار بناء على الثاني تعبديته فاللازم عدم الفرق ، وهذا أيضا واضح.
وثالثا : إنّه لا يخفى أنّ دليل هذا المرجّح ليس منحصرا في قوله عليهالسلام «ما سمعتم منّي .. إلى آخره» بل الأخبار الأخر تدلّ عليه ؛ غاية الأمر أنّ هذا يبيّن أنّ وجه الترجيح هو الحمل على التقيّة ، وحينئذ فنقول : إنّ تلك الأخبار شاملة للقطعي والظني ، مع أنّ المقبولة المشتملة على المرجحات السنديّة ، وكذا المرفوعة مشتملتان على هذا المرجّح ، والقدر المتيقن منهما الأخبار الظنيّة ، فلا حاجة في التسرية إلى الأخبار الظنيّة إلى تنقيح المناط أو غيره ، مع أنّه اقترن في جملة من الأخبار بموافقة الكتاب والسنّة ، وهما من المرجّحات المضمونيّة المختصة عنده بالأخبار الظنيّة ، فيكون هذا أيضا جاريا فيها ، وإلا لزم التفكيك ، وهو مع ركاكته غير ممكن في المقام كما لا يخفي! إذ الخبران المسئول عن حالهما : إمّا يراد منهما خصوص القطعيين أو خصوص الظنيين أو الأعم ، ولا يمكن إرادة الأول بالنسبة إلى مخالفة العامّة ، والثاني بالنسبة إلى موافقة الكتاب إلا بتكلّف خارج عن طور المحاورات ، ومن هنا ينقدح وجه آخر في بطلان دعوى اختصاص المرجّحات المضمونيّة بالأخبار الظنية إذ هذا المرجّح جار في القطعيّات باعترافه بناء على الوجه الثاني ، وهو مقرون بموافقة الكتاب ، فتكون موافقة الكتاب أيضا جارية في القطعيّات ؛ فلا تغفل.