دعويين ؛ كلتيهما ممنوعة.
ولكنّ الحقّ أنّه من باب نصب القرينة العامّة ؛ لا من باب جعل الأمارة ؛ فيجري هذا المرجح في القطعي والظنّي من الأخبار ، بناء على هذا الوجه ، و [أمّا] بناء على الوجه الأول ـ وهو كونه من باب كون الرشد في خلافهم ـ فلا يجري إلا في الظنيّات ؛ هذا ملخّص كلامه المذكور في مواضع.
أقول : فيه :
أولا : إنّ ما ذكره من أنّ القدر المتيقن من الرجوع إلى الترجيح إنّما هو في الأخبار الظنيّة ؛ لا وجه له ـ بعد كون الأخبار مطلقة ، بل عامّة بمقتضى ترك الاستفصال ـ نعم بعض المرجّحات لا يجري في القطعيّات من باب قصور الموضوع ، مثل الأعدليّة وأخواتها من المرجّحات السنديّة ، بل بناء العقلاء وعمل العلماء أيضا على التعميم كما لا يخفى.
وثانيا : إنّ ما ذكره من أنّه بناء على الوجه الثاني فالقدر المتيقن القطعيّات ؛ فيه : أنّ السماع إن كان له موضوعيّة فلا يجري إلا في الأخبار المسموعة ، وإن لم يكن كذلك فلا اختصاص بالقطعيّين ؛ مع أنّ الإنصاف أنّ معنى الخبر : أنّ أقوالي التي صدرت منّي شبيهة بقول العامّة فيها التقيّة ، وليس المراد كون القول قطعيّا أو ظنيّا أو مسموعا أو غيره ، فالغرض بيان حال أقواله عليهالسلام ، وهذا من الوضوح بمكان ، فهو نظير ما إذا قال قائل ما سمعت منّي في مدح فلان (١) فهو من باب الاضطرار مثلا ، يعني أنّ قولي حاله كذا ؛ من غير نظر إلى كونه قطعيا أو ظنيا.
ثمّ إنّ ما ذكره من أنّ التسرية إلى الظنّي متفرع على كون هذا القول من الإمام عليهالسلام قرينة عامّة أو من باب نصب الأمارة لا وجه له ؛ إذ لا فرق بين الوجهين في الاختصاص بالقطعي ، بمقتضى الجمود على لفظ السماع ، إذ القرينة المنصوبة أيضا يمكن أن تكون مخصوصة بالخبر القطعي كما هو واضح ، وقد اعترف بهذا في موضع آخر من كلامه.
__________________
(١) في نسخة (ب) و (د) الفلاني.