ما إذا اتفقت كلمتهم ، وتعاضدت مقالتهم ، فإنّهم يصدقونهم ويشتدّ بغضهم لهم ولإمامهم ومذهبهم ، فيصير ذلك سببا لثوران العداوة.
ومن ذلك أيضا ما رواه الشيخ في التهذيب (١) في الصحيح ـ على الظاهر ـ عن سالم بن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سأله انسان وأنا حاضر فقال ربّما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلي العصر وبعضهم الظهر فقال عليهالسلام : «أنا أمرتهم بهذا ، لو صلّوا على وقت واحد لعرفوا فأخذوا برقابهم» ، وهو أيضا صريح في المطلوب ، إذ لا يخفى أنّه لا تطرق للحمل على موافقة العامّة ، لاتّفاقهم على التفريق بين وقتي الظهر والعصر ، وهو مواظبتهم على ذلك.
وما رواه في العدّة (٢) عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن اختلاف أصحابنا في المواقيت فقال عليهالسلام : «أنا خالفت بينهم».
وما رواه في الاحتجاج (٣) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له إنّه ليس شيء أشدّ عليّ من اختلاف أصحابنا قال : «وذلك من قبلي».
وما رواه في معاني الأخبار (٤) عن أبي الحسن عليهالسلام قال : «اختلاف أصحابي لكم رحمة» ، وقال : «إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد» ، وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليهالسلام : «أنا فعلت ذلك بكم ولو اجتمعتم على أمر واحد لأخذوا برقابكم».
وما رواه في الكافي (٥) عن موسى بن أشيم قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله فأخبره بها ، ثمّ دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول ، فدخلني من ذلك ما شاء الله .. إلى أن قال : فبينما أنا كذلك إذ دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني ، وأخبر صاحبي وما أخبر سابقيه ، فسكنت نفسي وعلمت أنّ ذلك منه تقيّة ، ثم التفت إليّ
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٥٢ حديث ١٠٠٠.
(٢) العدة في أصول الفقه : ١ / ١٣.
(٣) هذا الحديث مذكور في علل الشرائع ـ باب ١٣١ حديث ١٤ ـ ولم ينقله البحار إلا عن العلل فقط دون الاحتجاج ونحن كذلك لم نعثر عليه في الاحتجاج.
(٤) معاني الأخبار : ص ٣.
(٥) الكافي : ١ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ حديث ٢.