مثل الأعدليّة ونحوها من المرجحات الصدوريّة ؛ لأنّ الأخبار جلّها صادرة بملاحظة ما ذكر من الشواهد والأمارات.
هذا ؛ مع إنّك عرفت أنّه يمكن الترجيح بالحمل على التقيّة إذا كانا موافقين أو مخالفين لهم ؛ مع العلم بعدم صدور أحدهما معينا تقيّة ، واحتمالها في الآخر ، لكنّه فرض نادر ، وكيف كان فالطعن عليه بما ذكر ليس في محلّه ، والإنصاف دلالة الأخبار التي ذكرها على ما ذكره واضحة ، وإن كان يمكن الخدشة في بعضها.
فما يظهر من الشيخ في الرسالة (١) من عدم دلالتها على مدّعاه ، وأنّ الخوف يندفع بإظهار الموافقة مع الأعداء ، وأنّ الاندفاع بمجرّد رؤية الشيعة مختلفين وإن أمكن ؛ إلا أنّه نادر فلا يصار إليه في جلّ الأخبار المختلفة ، مضافا إلى مخالفته لظاهر قوله عليهالسلام «ما سمعتم منّي يشبه قول الناس ففيه التقيّة وما سمعتم منّي لا يشبه قول الناس فلا تقيّة فيه» (٢) ليس في محلّة.
نعم ؛ هذا الخبر بظاهره مخالف لما ذكره حيث إنّه يدلّ على عدم التقية فيما لا يشبه قولهم ، لكن يمكن أن ينزّل على غير صورة التعارض والاختلاف ؛ فتأمّل!
وكيف كان ؛ فدلالة تلك الأخبار تامّة ، وإن كانت معارضة بهذا الخبر ، ثمّ إنّ الشيخ ذكر أنّ العمدة في الاختلاف في الأخبار كثرة إرادة خلاف الظواهر ، إمّا بقرائن متّصلة اختفت علينا من جهة تقطيع الأخبار ، أو نقلها بالمعنى ، أو منفصلة مختفية من جهة كونها حاليّة معلومة للمخاطبين ، أو مقاليّة اختفت بالانطماس ، وإمّا بغير القرينة ؛ لمصلحة يراها الإمام عليهالسلام من تقيّة على ما اخترناه ـ من أنّ التقيّة على وجه التورية ـ أو غير التقيّة من المصالح الأخر.
قلت : إنّ الاختلاف الواقع في الأخبار له أسباب :
منها : من جهة موافقة العامّة.
ومنها : التقيّة لمجرّد الاختلاف.
ومنها : ما ذكره الشيخ من إرادة خلاف الظواهر.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٢٤ ، ١٢٩.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٢ / الباب ٣ من أبواب الخلع ، حديث ٧.