ومنها : وجود الأخبار المكذوبة والمدسوسة.
والإنصاف أنّ الغالب فيه التقيّة بأحد الوجهين ، والأخير أقلّ من الجميع ؛ لما ذكره الأخباريون من الشواهد والأمارات على صدور الأخبار الموجودة في الكتب كلّها أو جلّها ، وأنّها مهذّبة منقّحة ، وتظهر الثمرة في كون أيّها الغالب في قوة الترجيح بمقتضاه.
ومن ذلك يظهر أنّ الحمل على التقيّة أقوى من المرجّحات الصدوريّة ، فليكن على ذكر منك.
ثمّ إنّ الشيخ أيّد في الرسالة ما ذكره ـ من أنّ عمدة الاختلاف في الأخبار كثرة إرادة خلاف الظواهر دون التقيّة ـ بما ورد مستفيضا من عدم جواز ردّ الخبر ، وإن كان ممّا ينكر ظاهره ، حتى إذا قال للنهار إنّه ليل وللّيل إنّه نهار ، معلّلا ذلك بأنّه يمكن أن يكون له محمل لم يتفطن السامع له ، فيكفر من حيث لا يشعر ، قال (١) : فلو كان عمدة التنافي من جهة صدور الأخبار المتنافية بظاهرها تقيّة ، لم يكن في إنكار كونها من الإمام عليهالسلام مفسدة ، فضلا عن كفر الراد.
وأقول : فيه نظر :
أمّا أولا : فلأنّ الظاهر أنّ المراد من الإنكار ما يرجع إلى الإيراد على الإمام عليهالسلام ، وإنكار إمامته ، لا مجرّد إنكار كون الخبر منه عليهالسلام إذا كان ظنيّا ، ومع كونه قطعي الصدور فلا يعقل إنكار كونه منه عليهالسلام ، وعلى فرضه لا يوجب الكفر قطعا (٢) ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المحمل هو التقيّة أو إرادة خلاف الظاهر.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الراد إنّما يردّ الخبر بملاحظة ظاهره ، وبعبارة أخرى ينكر كون
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤ / ١٣٠.
(٢) في ذهابه لعدم الحكم بالكفر في صورة كون الخبر قطعي الصدور ، في حال ينكر كونه من الإمام تنظر واضح ؛ إذ أنّ فيه ردا على الإمام في ما قاله أو فيما نقله عن جده رسول الله مع اعتقاده قطعيّة صدوره عنه ، أو فيه ردّ لإمامة الإمام إذ ليس لها معنى إلا الإتباع فمع رده عليه أو عدم ترتيب الأثر على ما قاله بعنوان الإنكار فهو موصل لرتبة إنكار الضروري ، أو يرجع لإنكاره من الدين كما لا يخفى! ثمّ إنّ الحكم بالكفر قد لا يراد به الكفر المقابل للإسلام ، بل الكفر ـ بلحاظ أنّه مشكك ـ بمعنى كفران النعمة أو بمعنى الخروج عن دائرة الإيمان.