سيأتي بيانه ، وقد يكون مستفادا من السياق كما إذا قال «أكرم العلماء» ، وقال «لا تكرم الفساق» ، واستفيد من سياقه النظر إلى قوله «أكرم العلماء» ، وأيضا قد يكون نظره عمديا مقصودا للمتكلّم ، وقد يكون قهريّا لازما للمدلول من غير أن يكون نظر المتكلّم إلى الشرح ، بل كان نفس المدلول شرحا وبيانا للدليل الآخر فالأول كما في دليل نفي الحرج بالنسبة إلى أدلّة التكاليف ، بناء على كون المراد منه نفي وجود الحرج في أحكام الدين ، فإنّ الأحكام الثابتة في الشرع لموضوعاتها ـ سواء كانت مجعولة سابقا أو لاحقا ـ مرفوعة عن (١) أفرادها الحرجيّة فإنّ المتكلّم بهذا الكلام لا بدّ وأن يكون ناظرا عمدا وقصدا إلى أدلّة تلك الأحكام.
وأمّا إذا حملناه ـ على بعد ـ على إرادة بيان عدم مشروعيّة تحمل المشقّة والحرج بأن يكون المعنى ليس الحكم الحرجي داخلا في جملة أحكام الدين ، وأنّه لا يجوز تحمل المشقّة وأنّ الأفعال الشاقّة مثل الصعود على ذروة الجبال العالية والدوران كلّ يوم ألف مرّة مثلا ونحو ذلك من الأفعال الشاقّة محرّمة أو مكروهة مثلا ، فيكون حكما ابتدائيا كسائر الأحكام الابتدائيّة ، ولا يكون ناظرا ولا حاكما على أدلّة التكاليف ، بل يكون على هذا معارضا (٢) ، وعلى المعنى الأول يزيد مورده على مجموع موارد التكاليف ، وعلى الثاني يشمل الأفعال التي ليست موردا للتكليف ؛ كالصعود على الجبل الشاهق ونحوه.
وكذا قوله «لا شك في النافلة» بناء على كون المراد نفي أحكام الشكوك عنها ، وأمّا إذا حمل ـ على بعده ـ على إرادة بيان الحكم الابتدائي وأنّ في الشك في النافلة يجوز البناء على أي طرف شاء فلا يكون حاكما.
والثاني ؛ كما في أمر الاستصحابين الحاكم أحدهما على الآخر ، فإنّه لا يعقل فيه النظر القصدي لوحدة دليلهما ، ولا يعقل كون دليل واحد ناظرا إلى نفسه نظرا عمديا وكما في الاجتهاديّة بالنسبة إلى الأصول العمليّة على التحقيق ، فإنّه لا التفات فيها إلا إلى بيان الواقع ، ولا التفات في أدلّة اعتبارها إلا إلى بيان وجوب العمل بمقتضاها ،
__________________
(١) في نسخة (ب) : من.
(٢) في نسخة (ب) : معارضا لها.