قلت : لو كان كذلك لم يجز الرجوع إليه مع فرض التساقط أو التوقف ، مع أنّ هذه الدعوى واضحة الفساد ، إذ هي إنّما تسلّم إذا كان ما يحتمل أن يكون قرينة متصلا بالكلام لا مثل المقام ؛ كما هو واضح.
هذا ؛ ويمكن أن يقال : إنّ نظره فيما ذكره إلى أنّ العموم لا يكون قابلا للمعارضة مع الخبر المخالف ؛ لأنّ المفروض تقدمه عليه من حيث هو ، فلا يصلح معاضدا للخبر الموافق ؛ لأنّه يعتبر في المعاضد (١) أن يكون في عرض المعاضد بالنسبة إلى الطرف الآخر ، بأن يكون صالحا لكونه طرفا للمعارضة معه.
وفيه منع ذلك ؛ بل يكفي كونه مثبتا لما يثبته المعاضد ، وكونه في عرضه بالنسبة إلى إراءة الواقع ، ولا يعتبر كونه في عرضه من حيث المعارضة مع الآخر.
وبعبارة أخرى : يكفي في معاضدته معارضته مع الطرف الآخر في المضمون ، ولا يعتبر مقاومته معه في مقام المعارضة ؛ فتدبّر! وكيف كان ؛ فلا إشكال في صلاحيّة العموم للمرجحيّة ، ولذا عدل الشيخ أخيرا عمّا بنى عليه أولا ؛ حيث قال :
ويمكن التزام .. إلى آخره (٢).
هذا ؛ والعمدة ما ذكرنا (٣) من كون الترجيح بمقتضى القاعدة ، فلا مانع من شمول الأخبار أيضا ، وإلا فما ذكره من كون قلّة المورد قرينة على شمول الأخبار للصورة المفروضة ، وكذا بعض ما ورد في ردّ الخبر الدال على الجبر والتفويض ؛ لأنّه مخالف للكتاب مشكل ، ولا يصلح ما ذكره دليلا على ذلك ، إذ مع عدم حصول الترجيح بالموافقة للعموم يلزم كون الترجيح تعبّديا ، لكونه موجبا للقوّة ، فيكون نظير الترجيح بالأصل ، وهو بعيد ؛ مع أنّ قلّة المورد ممنوعة ، خصوصا إذا حملنا الأخبار على الأعم من وجه (٤) والمتباينين ، ولا يضرّ كون الثاني خارجا عن باب الترجيح ،
__________________
(١) قد كتب بعد هذه الكلمة وما شابهها مثل ـ المعاضد ـ كلمة : بالكسر ، وكذا : بالفتح أي المراد اسم الفاعل أو اسم المفعول ، فاستعضنا عنهما بوضع الحركة الدالّة على اسم الفاعل أو اسم المفعول.
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ١٥٠.
(٣) في نسخة (د) : ما قد ذكرنا.
(٤) جاءت العبارة في نسخة (د) : على الأعم من العامين من وجه.