صدورها ، ولا مانع من شمول إطلاقها للمقام ، مع أنّه يمكن منع شمول أدلّة الأصول أيضا للمقام ، بل هو أولى كما لا يخفى! وكونها من حيث هي قطعيّة ومحلّا لاعتماد العلماء لا ينفع في المقام ، فإنّ أخبار التخيير أيضا من حيث هي كذلك ، وخلاف الأخباري لا يضر بعد البناء على العمل عليها ، مع أنّ الأخباري في أصل البراءة أيضا (١) مخالف ، بل جميع الأصول محلّ الخلاف والإشكال كما لا يخفى!
وأمّا كونها معتضدة بالشهرة :
فأولا : ممنوع ، حيث إنّ المشهور على تقديم الناقل على المقرّر ؛ على ما ذكروه في الأصول ، وإن كان عملهم في الفقه على العكس ، فلعلّ نظره إلى عملهم أو إلى أنّ تقديم الموافق يتصور بالنسبة إلى التخيير ، وإن لم يكن مشهورا بالنسبة إلى تقديم المخالف كما قيل ؛ لكنّه كما ترى!
وثانيا : لا ينفع ؛ إذ لا إشكال في السند ، ولا الدلالة من حيث هي ، وإنّما الإشكال في كون المقام موردا لجريان الأصول أو لا؟ والشهرة لا تنفع في هذا ، مع إنّ نظر المشهور إلى جعلها من باب الظن ، وحينئذ لا إشكال في الترجيح ، والكلام على تقدير كونها تعبديّة.
فالتحقيق أنّه لا ينبغي التأمّل في تقديم أخبار التخيير على أدلّة الأصول ، وإن كانت النسبة بينهما عموما من وجه ؛ للوجوه التي ذكرها في الرسالة (٢) من حكومتها عليها (٣) :
[١ ـ] حيث إنّها تثبت حجيّة أحد الخبرين ، وهو دليل اجتهادي ، ومعه لا يجري الأصل ، فحالها حال آية النبأ بالنسبة إلى الأصول ؛ غاية الأمر أنّ الحجّة فيها معينة ، وفي مقامنا مخيّرة ، ولا يتفاوت الحال بذلك.
[٢ ـ] ومن أنّ أخبار التخيير أقلّ موردا من أدلّة الأصول ، فهي أظهر بالنسبة إليها.
[٣ ـ] ومن أنّ التخصيص فيها يوجب إخراج كثير من مواردها ، بل أكثرها ؛
__________________
(١) لا توجد كلمة «أيضا» في نسخة (د).
(٢) فرائد الأصول : ٤ / ١٥٢ ، ١٥٨.
(٣) هذه الوجوه لم تكن في الأصل مرقّمة ؛ إلا أنّا رقمناها تسهيلا للقارئ.