والإنصاف أنّه لا يحصل منها الظن فتدبّر!.
وأورد على الوجه الثالث بأنّ لزوم تخصيص الأكثر ممنوع ؛ إذ أكثر موارد التخيير لا يجري فيه الأصل ، فيكون باقيا تحت الأخبار إذا خصصت بأدلّة الأصول ، إذ المعاملات بأسرها والأحكام الوضعيّة وبعض موارد الأحكام التكليفيّة ، كدوران الأمر بين المحذورين باقية تحت أدلّة التخيير ، إذ لا يجري فيها الأصل.
نعم ؛ التخصيص الكثير لازم ؛ إلا أنّه بمجرّده لا ينفع ، إذ المدار على أظهريّة أحد العامين ؛ وهي لا تحصل بمجرد كون التخصيص اللازم بالنسبة إلى أحدهما قليلا وبالنسبة إلى الآخر كثيرا ، وذلك لأنّ المفروض أنّ الخارج من أحد العامّين مقدار واحد وهو موارد الأصول من تعارض الخبرين ، فإن أخرج من أدلة الأصول كان قليلا بالنسبة إليها ؛ لكثرة مواردها ، وإن أخرج من أخبار التخيير كان كثيرا بالنسبة إليها ، فالقلة والكثرة إضافيّة لا حقيقيّة ، إذ ليس المقام نظير ما إذا دار الأمر بين خروج فرد أو فردين عن عام واحد.
هذا ؛ مع أنّ مجرّد الدوران بين الأقل والأكثر إذا كانا حقيقيّين أيضا لا ينفع ، فإذا دار الأمر بين تخصيص أكرم العلماء بإخراج عشرة مثلا ، وبين تخصيص أهن الفساق بإخراج عشرين ؛ من جهة العلم الإجمالي بأحد التخصيصين ، لا يقدم الأول على الثاني ، بل يحكم فيه بتساقط الظاهرين ، والرجوع إلى الأصول العمليّة ، بل إذا دار الأمر بين تخصيص أكرم العلماء وبين تخصيص أضف الشعراء وأهن الجهال مثلا ، بأن يكون هناك علم إجمالي بأحد التخصيصين ، وكان بين الثانيين ملازمة ، بأن يدور بين تخصيص واحد في العام الأول ، وبين تخصيصين في العامين الآخرين ، لا يرجح الأول ، وإن كان ربّما يتخيل ذلك من جهة أنّ التخصيص في دليل واحد أولى من التخصيص في دليلين ؛ وذلك لأنّه تتساقط الظواهر بالعلم الإجمالي.
نعم ؛ إذا فرض تعدد العام من طرف واتحاده من طرف آخر ، وكان مضمون الأولين واحدا ؛ كما إذا قال أكرم العلماء وقال أيضا أحسن إلى الفقهاء ، وقال لا تكرم الشعراء مثلا ، وفرض العلم الإجمالي بتخصيص الأولين أو الأخير أمكن أن يقال : التخصيص الواحد أولى من التخصيصين ، وذلك لتعاضد الظهورين هنا ، حيث إنّ