المفاد واحد.
فتحصل أنّ مجرّد القلّة والكثرة في التخصيص لا تنفع في الترجيح ؛ خصوصا إذا كان مثل المقام ، حيث إنّ الخارج مقدار واحد ، والقلّة والكثرة إضافيّان ، مع أنّ مآل هذا الوجه إلى الوجه السابق ، إذ السرّ في كون التخصيص قليلا أو كثيرا بالنسبة إنّما هو قلّة المورد وكثرته كما لا يخفى!.
قلت : أمّا منع تخصيص الأكثر ؛ فليس في محلّه ، إذ المراد من الأصول في المقام ـ كما عرفت ـ الأصول الثلاثة من الاحتياط والاستصحاب والبراءة ، وهي جارية في الوضعيّات والمعاملات أيضا ، فإذا خصصنا أدلّة التخيير بها يلزم اختصاصها بالدوران بين المحذورين ممّا لا يمكن فيه الاحتياط ، ولعلّ نظره فيما ذكره إلى عنوان الناقل والمقرّر في كلمات القوم ، حيث إنّ مرادهم من المقرّر الخبر الموافق لأصل البراءة وأصل العدم الأزلي الأولي ؛ مع إنّ الشيخ قدسسره صرّح بأنّ المراد منها الأعم ، مضافا إلى أنّ أصل العدم في عنوان القوم أيضا شامل للوضعيّات والمعاملات.
وأمّا ما ذكره من عدم إجداء (١) التخصيص الكثير ؛ ففيه : أنّه قد تحصل الأظهريّة بمجرّد لزوم كثرة التخصيص بالنسبة ، فإنّ العام الذي له أفراد كثيرة فهو ظاهر في جميعها ، وظهوره فيها أقوى من ظهور العام الذي أفراده أكثر من هذا العام بالنسبة إلى القدر الذي أريد إخراجه ، فتكون دلالة العام القليل الأفراد على هذا المقدار أقوى من دلالة العام الكثير الأفراد ؛ فيكون أولى بعدم التخصيص.
ودعوى أنّ هذا راجع إلى الوجه السابق ممنوعة ؛ غاية الأمر أنّ السرّ فيه هو قلّة المورد وكثرته ، وإلا فالنظر في هذا الوجه إلى أبعديّة أحدهما عن التخصيص من حيث أظهريّة شمول العام له فتدبّر.
وأورد على الوجه الرابع بأنّ الخبرين من المكاتبات ، وهي في حجيتها في المسائل الفرعيّة إشكال ؛ فضلا عن المسائل الأصوليّة.
__________________
(١) يقال أجدى الشيء : بمعنى أحوج إليه إجداء ؛ وللنفي يقال لا يجدي أي لا ينفع ولا يؤثر.