وكيف كان فالمراد من الفقرة الأولى في العبارة الأولى واضح ، ومن الفقرة الثانية منها أن يكون الحاكم موجبا لدخول شيء تحت الدليل المحكوم ، بنحو توسيع الدائرة لبّا على وجه الضمّ والإضافة ، أو لفظا على وجه الكشف من التعميم ، كالأصول والأمارات المثبتة لموضوعات الأدلّة.
فإذا ثبت بالاستصحاب أو بالبيّنة خمر به عن تحت (١) لا تشرب الخمر ، فيصدق أنّه حكم الشارع بوجوب الاجتناب عنه ، مع أنّ دليله قوله (٢) «لا تشرب الخمر» لا يقتضي ذلك لو لا الاستصحاب أو الأمارة ، وهكذا فيما كان الحكم (٣) منافيا للمحكوم ومعارضا له لو لا الحكومة ، كما مثّلنا سابقا ، ومن ذلك تظهر الحاجة إلى ذكر هذه الفقرة ، إذ الاقتصار على الأولى يقتضي اختصاص الحكومة بما إذا كان لسان الدليل التخصيص (٤) والتضييق ، ورفع الموضوع ، مع أنّها أعم.
فما عن بعضهم ـ على ما حكي عنه ـ من أنّ الفقرة الثانية غلط ، وقد ضرب عليها وذلك لأنّ التنزيل غير الحكومة ، ومآل تلك الفقرة إلى التنزيل ، في غير محلّه ، إذ قد عرفت أنّ جملة من الحكومات من قبيل ما ذكر ، بل الغالب فيها ، بل كل مورد يكون من القسم الأول داخل في القسم الثاني بوجه آخر ، وبالنسبة إلى المحكوم (٥) آخر ، مثلا البيّنة الحاكمة بخمريّة شيء مخرجة للموضوع عن كونه موضوعا لأصل البراءة أو الاستصحاب ، ومدخلة له في دليل حرمة الخمر ، وهكذا فهي حاكمة على الأصل برفع الموضوع ، وعلى الدليل الاجتهادي ، بإثبات موضوعه.
نعم لا يعدّ منافيا ومعارضا بدويّا إلا للأول ، حسبما عرفت ، هذا مع أنّ كونه تنزيلا لا يقتضي خروجه عن الحكومة ، إذ غالب الحكومات من التنزيل ، نعم التنزيل الصريح كقوله «التيمم وضوء» أو بمنزلة الوضوء غير الحكومة ، فالحكومة تنزيل ضمني ، كما أنّها تفسير ضمني ، وفي المعنى مع ذلك التفسير الصريح ليس بحكومة
__________________
(١) هكذا في النسخة.
(٢) في نسخة (ب) : دليله هو قوله.
(٣) في نسخة (ب) : الحاكم.
(٤) في نسخة (ب) : لسان التخصيص.
(٥) في نسخة (ب) : محكوم.