كانت من الأصول على الاستصحاب ، وإن قلنا إنّه من الأمارات لقوله صلىاللهعليهوآله في بعض أخبارها «وإذا شككت في شيء [من الوضوء] ودخلت في شيء آخر فشكّك ليس بشيء» (١) حيث إنّه نفى موضوع الشك ، ولازمه نفي آثاره (٢) ، ومنها الأخذ بالحالة السابقة ، فظهر أنّه يمكن حكومة الأصل العملي على الدليل الاجتهادي ، إمّا بالنظر العمدي كالمثال المفروض أولا ، وإمّا بالنظر القهري كالمثالين الأخيرين.
واعلم أنّ للشيخ المحقق الأنصاري قدسسره في بيان معنى الحكومة عبارتان :
إحداهما : ما ذكره في آخر (٣) باب الاستصحاب (٤) حيث قال : ومعنى الحكومة على ما سيجيء في آخر باب التعارض أن يحكم الشارع في ضمن دليل بوجوب رفع اليد عمّا يقتضيه الدليل الآخر ، لو لا هذا الدليل الحاكم ، أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يقتضيه دليله ، لو لا الدليل الحاكم ، قال : وسيجيء ، توضيحه.
والثانية : ما ذكره في أوّل هذا الباب (٥) على ما وعده حيث قال : وضابط الحكومة أن يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي متعرّضا لحال الدليل الآخر ، ورافعا للحكم الثابت بالدليل الآخر عن بعض أفراد موضوعه ، فيكون مبيّنا لمقدار مدلوله ، وميزان ذلك أن يكون بحيث لو فرض عدم ورود ذلك الدليل ، لكان هذا الدليل لغوا ، خاليا عن المورد ، نظير الدليل على أنّه لا حكم للشك في النافلة ، أو مع كثرة الشك .. إلى آخره.
أقول : وظاهره حيث أحال المقام الأول إلى الثاني اتحاد التعبيرين ، لكنّهما متغايران في الجملة ، إذ الفقرة الثانية من العبارة الأولى غير مذكورة في الثانية ، والتعرض بالمدلول اللفظي غير مذكور في الأولى ، وكذا اللغويّة مع فرض عدم ورود الدليل المحكوم ، لكن قد ضرب في بعض النسخ على قوله : وميزان ذلك .. إلى قوله : خاليا عن المورد.
__________________
(١) وسائل الشيعة ؛ الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.
(٢) في نسخة (ب) : آثارها.
(٣) في نسخة (ب) : أواخر.
(٤) فرائد الأصول : ٣ / ٣٨٩ وما ذكره السيد هنا بالمعنى لا بالنص.
(٥) فرائد الأصول : ٤ / ١٣.