على التقيّة ، ولا معنى للتعبد والحمل عليها.
وإن قلت : إنّ معنى الترجيح حينئذ مجرد الأخذ بالمخالف ، لا الأخذ بالموافق وحمله على التقيّة.
نقول : فكذا في صورة وجود المرجّح الصدوري حسبما عرفت في الوجه السابق. الرابع : أنّ ما ذكره في الفرق بين هذا المرجّح والمرجّح الدلالي المتقدم على الترجيح بالسند من أنّ التعبّد بصدور الخبرين على أن تعمل بظاهر أحدهما وبتأويل الآخر ممكن غير موجب لطرح دليل أو أصل غير صحيح (١) ، إذ لازم ما ذكره قصر الترجيح الدلالي على ما إذا كان المعنى التأويلي متعيّنا ، حتى يمكن العمل بالخبر المؤول.
وأمّا إذا كان الخبر الأظهر قرينة صارفة عن ظاهر الخبر الظاهر ، ولم يكن معيّنا للمعنى التأويلي بأن كانت مجازاته متعددة ؛ فلا يجمع بينهما ، إذ (٢) لا معنى للأخذ بالخبر المجمل ، والمفروض أنّه يصير مجملا على هذا التقدير ، مع أنّه ليس كذلك قطعا ، فالأولى ـ بناء على ما ذكره ـ أن يقال في وجه الفرق : إنّ في صورة وجود المرجح الدلالي لا يرى العرف تعارضا بين الخبرين ؛ حتى يحتاج إلى تعبّد مضافا إلى أصل دليل الحجيّة ، فبمجرد (٣) وجود دليل أصل التعبد يكون الأظهر قرينة على الظاهر ؛ بخلاف المقام ، فإنّه بعد وجود دليل التعبد يتحير العرف في تقديم أيّ من الخبرين ، فإذا قال في ضمن دليل : إنّ رفع هذه الحيرة بالحكم بصدور الأعدل فقط ، وفي ضمن دليل [آخر] : إنّ رفع هذه الحيرة بالحكم بصدورهما معا ، وحمل الموافق على التقيّة ، فيقال لا وجه للحكم بصدورهما وحمل أحدهما المعيّن على التقيّة الذي هو في معنى إلغائه.
وبعبارة أخرى : وجود المقتضي للأخذ ، وهو شمول دليل الحجيّة من حيث هو يكفي في الترجيح الدلالي ؛ لعدم المعارضة حقيقة ، بخلاف المقام ؛ فإنّه يحتاج إلى
__________________
(١) أي أنّ ما ذكره من الفرق .. غير صحيح.
(٢) في نسخة (د) : ولا معنى.
(٣) في النسخة المعتمدة هكذا : فمجرد ؛ والأصح ما ذكرنا.