الحكمين ، والسرّ فيه أنّ الحكم الواقعي إذا كان لذات الفعل فيثبت في حال الجهل أيضا بناء على التخطئة ، فلا يندفع الإشكال مع أنّ هذا البيان لا يجري في مؤديات الطرق إذا كانت مخالفة للواقع ، بناء على كونها أحكاما شرعيّة ، مع أنّ الاشكال جار فيها أيضا على هذا الوجه.
الثاني : دعوى تعدد المحمول حسبما ظهر من كلام البعض المتقدم ؛ فإنّ كلامه وإن كان في المقام السابق إلا أنّه مناسب لهذا المقام ، ولازمه (١) القول به هنا بطريق أولى ، مع أنّ الظاهر أنّ غرضه بيان حال هذا المقام ، وإن كان اختلط عليه الأمر وحاصله أنّ الحكم الواقعي إنّما هو مجرد إنشاء نيّة للوجوب (٢) أو الحرمة مثلا فلا ينافي الترخيص الفعلي ، وكأنّه يجعل الأحكام الواقعيّة عبارة عن مجرد المحبوبيّة والمبغوضيّة دون الطلب والتكليف.
وفيه : إنّ هذا في الحقيقة إنكار للحكم الواقعي ، وإن أراد الوجوب الحقيقي والحرمة كذلك ، فلا يتعدد المحمول حينئذ ، إذ مفاد الأصول نفيها (٣).
الثالث : دعوى تعددهما من حيث القوّة والفعل ، حيث إنّ الحكم الواقعي شأني والظاهري فعلي.
وفيه : إنّ هذا إنّما يصح إذا قلنا إنّ الحكم الواقعي شأنيّة (٤) الوجوب أو الحرمة وليس كذلك ؛ بل هو الوجوب والحرمة الشأنيّان ، وفرق واضح بين شأنيّة الحكم وبين الحكم الشأني ، والذي يرفع التناقض إنّما هو الأول دون الثاني كما لا يخفى من ملاحظة قولك زيد كاتب بالقوة ، وزيد ليس بكاتب بالفعل ، حيث إنّك تريد من الأول شأنيّة (الكتابة ، لا أنّه كاتب ، وفي المقام ندعي أنّ الوجوب ثابت في الواقع لا أنّ له شأنيّة) (٥) الوجوب ، وإلا رجع (٦) إلى إنكار الحكم الواقعي أو إلى مذهب.
__________________
(١) في نسخة (ب) : ولازم له.
(٢) في نسخة (ب) : الشأنيّة للوجوب ، وهو الصواب.
(٣) في نسخة (ب) : نفيهما.
(٤) بعدها في نسخة (ب) : الحكم أي شأنيّة ...
(٥) ما بين القوسين لم يرد في نسخة (ب).
(٦) في نسخة (ب) : يرجع.