١ إلى ٤ ـ (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ...) هذه السورة المباركة نزلت في إجلاء بني النّضير من اليهود حين أنذرهم النبيّ صلىاللهعليهوآله لكيدهم ومكرهم وخيانتهم فخرجوا إلى خيبر وبلاد الشام ، وقد مرّ تفسير هذه الآية الشريفة ، والله تعالى (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أي هؤلاء اليهود (مِنْ دِيارِهِمْ) بتسليطه المؤمنين عليهم وبأمر النبيّ (ص) بإخراجهم من حصونهم (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) اختلف في معنى هذا القول والظاهر أنه سبحانه أخرجهم منها على أن لا يعودوا إلى أرضهم حتى قبيل يوم القيامة ، ففرّقهم في البلاد وشتّت شملهم في أقاصي المعمور (ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) أي ما حسبتم أيها المؤمنون أنه يمكن إخراجهم من ديارهم بسهولة لقوّتهم ومنعتهم (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ) أي حسبوا أنهم تحميهم القلاع والحصون التي اعتصموا بها (فَأَتاهُمُ اللهُ) أي جاء أمر الله تعالى وعذابه (مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) من جهة لم يحسبوا حسابها لأنهم اغترّوا بقوّتهم وسلاحهم (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) أي ألقى الخوف في نفوسهم وخصوصا بعد قتل زعيمهم كعب بن الأشرف (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) أي يهدمونها من الداخل ليهربوا ، ويهدمها المؤمنون من الخارج للوصول إليهم (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ) أي فانظروا وتدبّروا واتّعظوا يا أصحاب العقول فيما حلّ بهم من البلاء من حيث لم يحتسبوا ، وذلك أن الله تعالى وعد رسوله أن يورث المؤمنين أموالهم وديارهم قبل ذلك الإنذار الذي مزّقهم شذر مذر (وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) أي قدّره عليهم وحكم بأن يرحلوا عن ديارهم فلو لا ذلك (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) بالقتل ونصر المؤمنين عليهم كما فعل ببني قريظة (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ) مع جلائهم عن وطنهم (عَذابُ النَّارِ) جزاء كفرهم وعنادهم (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ) أي هذا الذي فعل بهم هو بسبب أنهم خالفوا الله سبحانه وعاندوا رسوله (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ) يخالفه (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي قويّ