قائلين لهم : اذهبوا إلى النار التي كنتم تكذّبون بها في حياتكم ، ثم يكررون أمرهم بالانطلاق إلى موضع معيّن منها : (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) أي نار ذات ثلاث شعب أو هو دخان تلك النار الذي سمّوه ظلّا لسواده وشدّة ظلمته تحيط شعبه بالكافر من فوقه وعن يمينه وشماله ، وقيل إن ألسنة من لهب جهنّم تلفّ المكذبين بهذا الشكل حتى يفرغوا من الحساب بحيث يكونون في ظلّ (لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) أي أنه لا يعتبر ظلّا يستريح المرء فيه ويمنع عنه الأذى والعذاب ، ولا يردّ عنه شيئا من اللهب المستعر الذي يرتفع من نار قال سبحانه في وصفها : (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) أي أن شرارها الذي يتطاير منها في الجهات تكون الشرارة منه بحجم القصر ، أي المنزل الكبير الضخم (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) جمع : جمل ، أي كأن الشرارة الواحدة كالجمل الأصفر (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بهذه النار المخيفة التي أعدّها الله لهم وسجرّها لغضبه وللكافرين بما جاء من عنده.
* * *
(وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠))
٣٥ ـ ٤٠ ـ (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ ...) وصف سبحانه حال الكافرين بالبعث وأنهم يوم القيامة لا ينطقون بشيء ينفعهم ولا بحجّة تدفع عنهم قبل أن يختم على أفواههم. فقد جاء عكرمة رجل قال له : أرأيت قول الله تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) ، وقوله ، (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)؟ فقال عكرمة : انها مواقف. فأمّا موقف منها فتكلّموا واختصموا ، ثم ختم على أفواههم