وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : كم مغرور بالستر عليه ومستدرج بالإحسان إليه. أجل سيقال للإنسان : ما غرك بربك الكريم (الَّذِي خَلَقَكَ) ابتدعك من نطفة ولم تكن شيئا مذكورا (فَسَوَّاكَ) جعلك إنسانا سميعا بصيرا قادرا مفكّرا مختارا (فَعَدَلَكَ) صيّرك معتدلا في خلقتك وأعضائك (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) أي في أي صورة تشبه الأب أو الأم أو العم أو الخال أو الجد أو غيرهم جعلك. وفي المجمع عن الرضا عن آبائه عليهمالسلام جميعا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنه قال لرجل : ما ولد لك؟ قال : يا رسول الله وما عسى أن يولد لي ، إمّا غلام وإمّا جارية؟ قال : فمن يشبه؟ قال : يشبه أمّه أو أباه. فقال صلىاللهعليهوآله : لا تقل هكذا. إن النطفة إذا استقرّت في الرحم أحضرها الله كلّ نسب بينها وبين آدم. أما قرأت هذه الآية : في أيّ صورة ما شاء ركّبك؟ أي فيما بينك وبين آدم. والمعنى أنه سبحانه يقدر على جعل الإنسان في أية صورة شاء (كَلَّا) أي مهلا فليس الأمر كما تزعمون أيّها الكافرون بالبعث مع وجود الدليل عليه (بَلْ) أنتم (تُكَذِّبُونَ) يا معاشر الكفّار (بِالدِّينِ) الذي جاء به رسولنا محمد صلىاللهعليهوآله ، وهو الإسلام ، ونحن نعلم ذلك منكم (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) رسلا من الملائكة يحفظون ما تعملونه ويحصونه عليكم ويسجلونه في صحائف أعمالكم ، وصفهم سبحانه بقوله (كِراماً) أي مكرّمين عند ربهم (كاتِبِينَ) ما تقولونه وما تفعلونه (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) يعرفون أعمالكم ويميّزون بين الخير والشر بقدرة من الله عزوجل ولا يخفى عليهم من أفعالكم إلّا ما شاء الله أن يخفيه من بواطن الأمور التي يلطف بها.
* * *
(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ