القتل والمعاصي على اختلافها (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) أي فجعل السوط الذي ضربهم فيه وأهلكهم عذاب الإهلاك في الدنيا قبل الآخرة. وقد أجرى سبحانه على العذاب لفظ (سوط) لأنه ألقى عليهم العذاب وصبّه عليهم كما يصب الإنسان ضربات سوطه على عدوه حتى يهلكه (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) أي أنه يترصد عباده ولا يفوته شيء ممّا هم فيه لأنه سامع ناظر إلى سائر أحوالهم. وروي عن عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام أن معناه : إن ربّك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم. كما أنه روي أن الإمام الصادق عليهالسلام قال : المرصاد قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة عبد. وهذا يعني أنه سبحانه يراقب عبده وينتصف منه إذا ارتكب مظلمة بحقّ نفسه أو بحق غيره. وقد قيل : إن ربّك لبالمرصاد ، هو جواب القسم. وقيل أيضا : جواب القسم محذوف وتقديره : ليقبضنّ الله على كل ظالم.
* * *
(فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦) كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦) يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ