أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦))
٩ إلى ١٢ ـ (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ...) أي تتحرّك وتضطرب وتدور بما فيها وتموج موجا ، والمور الموج. أي تذهب وتجيء كما تمور النخلة وتتحرّك بسرعة ونعم ما قال الشاعر في أمثال هذا المقام :
عباراتنا شتّى وحسنك واحد وكلّ إلى ذاك الجمال تشير (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) أي سيرا سريعا كسير الريح حين كمال شدّته (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي المكذّبين بالبعث والنشور وبيوم القيامة أو كمال شدّته (الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) أي يخوضون في المعاصي والملاهي كأن لم يكن شيء مذكورا في باطلهم.
١٣ إلى ١٦ ـ (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا ...) الدّعّ هو الدّفع بعنف فبسرعة يدخلون إليها وشدّة. ومنه قوله تعالى (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) أي يدفعه عن حقّه دفعا شديدا بعنف وعدم رحمة. ثم يقال لهم : (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) فانظروا إليها ليتحقّق لكم ما وعدناكم به من تعذيب من عصانا وردّ دعوة رسلنا وقال إنهم سحرة وشعراء ، ومكذّبون (أَفَسِحْرٌ هذا) الذي تعاينونه كما كنتم تقولون عن الوحي أنه سحر؟ (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) أو أنتم لا ترون دلائله يوم أنذركم بها رسلنا. وهذا تقريع لهم وتهكم منهم يدلّان على اشتداد غضبه سبحانه على من عصاه وعلى المغضوب عليهم والضّالّين. وهذا من أبلغ التهكّم والتقريع الذي يشفي الغليل من الكفرة والعصاة. فهذه هي النّار التي كذّبتم بها من قبل (اصْلَوْها) أي ادخلوها واحترقوا فيها ، والضمير راجع إلى جهنّم (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) أي صبركم وعدمه (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) في عدم النّفع (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي جزاء عملكم يرجع إليكم إن خيرا فخير وإن شرّا فشر.
* * *